إثارة
حد الجنون
نعرف أن كرة القدم مجنونة، لكننا لم نتوقَّع يومًا أن تصل إلى درجة “المانخوليا”، إذ “لخبطت” سلم الدوري بعشوائية، وغيَّرت مراكز سبعة فرق في آخر جولة. ثماني مباريات ممتعة، أعطت عشاق الكرة أكثر مما يحلمون.
بقينا نطالع الساعة، ونرصد الدقائق والثواني غير مصدقين أن أطول موسم في تاريخ الكرة السعودية لن يُحسم إلا في آخر لحظة من آخر مباراة في الدوري. اعتقدنا أن الأمور سهلة، وأن الباطن سيستسلم سريعًا، وأن الشباب لن يقاوم الهلال، اعتقدنا أن الحزم سيبقى، وأن الفيحاء سيغادر، اعتقدنا أن التعاون انتهى موسمه بالكأس ولن يحصل على الثالث، واعتقدنا أننا سنفتقد الأهلي في آسيا.
مباراة النصر والباطن كانت مشتعلة.. وقف فيها الباطن ندًّا قويًّا للنصر، وحبس أنفاس الجماهير في “الدرة”، وكذلك فعل الشباب في ملعب الجامعة بعد أن صعَّب الأمور على الهلال بالتعادل قبل ثلاث دقائق من النهاية، ولم يكن أمام الهلال سوى الاندفاع الكامل ليُسجل هدف الفوز قبل لحظات من الصافرة النهائية.
لم يكن الصراع على اللقب فقط، فلكل مركز معركةٌ ملتهبةٌ، فالتعاون كان متأخرًا بهدف أمام الفيصلي، وعاد ليقلب الطاولة، ويخطف المركز الثالث من الشباب الذي تراجع إلى الخامس بعد فوز الأهلي الكاسح على الاتفاق.
الحزم احتفل مبكرًا بعد أن وصلت المباراة إلى الدقيقة الـ 80، وهو يتقدم على القادسية بهدفين قبل أن يسجل بسمارك هدفًا، ويصنع آخر، رمى بالحزم في معركة جديدة أمام الخليج معلنًا بقاء الفيحاء الذي فاز على الوحدة بالخمسة.
أتمنى أن نحافظ على مكتسبات هذا العام، ونبني عليها في مقبل الأعوام، فالدوري هذا الموسم جعل العالم العربي يضبط ساعته على مبارياتنا. لقد أصبح الدوري السعودي منافسًا شرسًا للدوري الإنجليزي والإسباني على مائدة المشاهد العربي. لا تستغرب عندما يتحدث معك شاب مغربي، أو جزائري، أو تونسي، أو موريتاني عن أدق تفاصيل الدوري السعودي، لا تستغرب عندما يقلِّد طفل عراقي، أو أردني، أو مصري فرحة جوميز.
تحوَّل الدوري السعودي إلى “براند”، وماركة لها قيمتها التي لا يساويها أي دوري خارج أوروبا. لا تخافوا على قيمة النقل التلفزيوني، ولا على قيمة الرعايات، فالأرقام القياسية آتية. الدوري السعودي أصبح أحد مصادر القوة الناعمة للسعودية، وسرًّا من أسرار جاذبيتها.