2019-06-30 | 01:48 مقالات

المحتكرون الجدد

مشاركة الخبر      

كنا نظن أننا تخلصنا من تواجد الرئيس الأوحد والرمز الأوحد في أنديتنا السعودية، وإذ بنا نعود إلى سيرتنا الأولى ونعمق على نحو أكبر من وجود الشخص المتحكم بالأمور في النادي المقرر لما يريد المُظهر للجمهور ما يراه هو لا ما يرونه هم، المعطي كل التفاصيل لمن يرغب المخفي الحقائق عمّن لا يريد. ظهر الرئيس الأوحد ومعه مجموعته الجديدة في الأندية مستغلين ضعف لائحة الأندية وبنودها غير المكتملة واستعجال الهيئة العامة للرياضة في صياغتها وإقرارها.
إن الحالة الجديدة للانتخابات والترشح والجمعيات العمومية أوجدت لنا مجموعة متنفّذة تتحكم بالنادي تحت ما يسمّى بالأعضاء الذهبيين. إنهم يا سادة يا كرام المحتكرون الجُدد.
غيّبت اللائحة الجديدة للأندية ورؤسائها مشاركة الجمهور عن صناعة القرار وتكوين كُتل انتخابية تمتلك الصوت والمحاسبة والتأثير على سياسات مجلس إدارة النادي، وخصصت المجال في هذا لمجموعة قريبة من النادي دفعت في وقت تواجدها في القرب المال وحوّرت كل ما دفعته ودفعه من كان معها على أصوات فاستأثرت بالصوت والقرار.
الاحتكار أمر مذموم وكل محتكر خاطئ كونه يُقدّم لكل من يتعامل معه ما يقرره هو لا ما يقرره الآخر، وفي حال الأندية السعودية سيلغي المحتكر بنفوذه وقوته مشاركة المجتمع في الشأن وتضييق المشاركة الشعبية وطرد كل من يحاول الاقتراب من محيط النادي.
لقد مرّت الأندية السعودية على مدى عقود طويلة لحالة صناعة الفرد ورمزه في النادي الواحد، وكانت الجماهير لا ترى تقدّم النادي وتسيير أموره إلاّ برئيس واحد ذي فكر واحد يتمسك بكرسي الرئاسة لسنوات، وحين يترجّل يترك منهجه وأدواته في حال تحكّم بالنادي لأعوام. لم نكن نتوقع ونحن نخطو نحو التحديث والتطوير في رياضتنا السعودية أن نعود إلى المربع الأول ونصيغ لائحة تعطي كل متورم أن يتورم أكثر وأن يبقى أطول فترة ممكنة في النادي، وكأن كل مال دفعه لناديه تحوّل إلى مسمار جحا وأدرج نفسه ومن يحب في القائمة الذهبية.
إن حالة التنامي والتوسّع الإداري في المنشآت العامة ذات الطابع الجماهيري لا تحدث إلاّ بوجود التعددية وضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الناس، وإيجاد مناخ يفتح أمام الجميع كل أبواب العطاء والعمل والحب. إن إلغاء لائحة أعضاء الشرف في الأندية كان إلغاءً لوضع التحكم والاحتكار من فئة واحدة، لكنها تعود بكل أسف مع الأعضاء الذهبيين غير المالكين لأسهم ملكية ومُنع غيرهم في صورة تقدم لنا محتكرين جددًا.