منتخبنا برازيل
الثمانينات
أتذكر فريق هارلم الاستعراضي لكرة السلة الذي حضر للمملكة قبل ثلاثين عامًا، أذهلنا بسرعته وفنّه وقدرته على التحكم بالكرة بشكل لا يصدق، حتى إن الفريق المقابل يقف حائرًا أمام تلك المهارة العجيبة، لحسن الحظ كنت شاهدًا على ذلك العرض الذي أقيم وقتها في الصالة الخضراء بالرياض.
خرجت من الصالة وأنا أملك قناعة لا يشوبها الشك أن هارلم أفضل فريق في العالم، وأن أحدًا لا يستطيع مجاراته. اكتشفت بعدها بسنوات أن هارلم لا يلعب في الدوري الأمريكي! وأن تلاعبه بالكرة وسرعته وحركاته البهلوانية ليست كافية للفوز بمباراة واحدة في دوري المحترفين.
شاهدت مباراة المنتخب السعودي مع مالي، ووصلت لنفس نتيجة فريق هارلم، المنتخب السعودي لا يستطيع المنافسة أمام الفرق المحترفة، منتخبنا استعراضي بامتياز، منذ بداية المباراة وسلمان الفرج "لاعب المحور" يحاول جاهدًا إدخال الكرة بين قدمي لاعب الخصم، أما سالم فكان تواقًا لتسجيل هدف على الطاير، حتى مدافعو المنتخب كانوا مصرين على استعراض مهاراتهم الفردية. هتان وحمدان وعبد الرحمن أثبتوا أن اللاعب السعودي فنان ولكن دون عنوان. على العكس ظهر منتخب مالي جادًا شرسًا محترفًا يريد الوصول إلى المرمى بأسرع طريقة ووقت ممكنين، لذلك كانت أخطر هجمات الشوط الأول لمالي، وهدف السبق أيضًا لمالي.
منتخبنا سلك طريق الاستعراض والحركات البهلوانية منذ سنوات فخسر الكثير، مع مارفيك عاد المنتخب للعب كرة قدم حديثة منضبطة فعدنا للانتصارات، رحل وجاء بيتزي الذي أعطى للاعبين حرية الاستعراض والأداء الفردي الممتع، "نستحوذ ونسحّب وكباري ومراوح"، باختصار نقوم بكل شيء إلا الفوز.
مع هيرفي رينارد نعيش مرحلة جديدة أتمنى أن تكون مليئة بالانضباط والاحترافية والعمل الجماعي، لن يتحقق ذلك دون وعي حقيقي من الجهاز الفني والإداري في المنتخب بأننا نمشي في الطريق المعاكس لكرة القدم الحديثة، كرة القدم التي يلعبها منتخبنا اليوم هي كرة قدم كان يلعبها منتخب البرازيل في ثمانينات القرن الماضي، الحقبة الأسوأ في تاريخ السيليساو.
الفرق بين منتخبنا وهارلم أن الفريق الأمريكي عرف أن الاستعراض والحركات البهلوانية لا تجلب البطولات، لذلك ركز على المتعة وانتقل من مجال الرياضة إلى الترفيه، حتى أصبح أشهر فريق استعراضي في العالم، أما منتخبنا فيستعرض دون هدف أو غاية، مما يجعله يظهر للعالم على أنه فريق مبتدئ يفتقد للاحترافية والنضج.