سلطان
على منصة التكريم
حينما كان الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز على كرسي المسؤولية عن الرياضة والشباب، وعندما ترجل عنه وبعد أن ابتعد لسنوات، أطل ليلة تكريمه كما هو رمز للسمو والقامة والرجل الإنسان تواضعًا يشع بالنبل والحب والسلام والطمأنينة والابتسامة التي تسكنه ولم تفارقه يومًا.
رجل الدولة الذي أخلص وأفنى حياته ونذرها في خدمة دينه ومليكه وبلاده، وحمل على أكتافه عبء المسؤولية الشاقة المكلفة ونجح في أن يعبر عباب بحرها المتلاطم الأمواج وأن يسوسها بالجد والصبر والحكمة والعمل ويتوجها بالإنجاز.
الرجال مثله يقصر معهم حتى التكريم، يعجز عنهم الشكر، ويصغر الثناء ويطول الكلام في سرد عبارات الوصف، أمير جليل، إنسان نبيل نقي كريم, شخصية متفردة في خصالها يجمع بين الهيبة والرفق, واللين والحزم, والمساءلة والتسامح.
سنوات المسؤولية لم تكن طريقها مفروشة بالورد، لكنها تفتحت مع شمس صباحاته التي أشرقت مع الراحل الكبير الأمير فيصل بن فهد الذي منحه الثقة لقطف ثمار أهم إنجازات كرة القدم بالتأهل إلى مونديال كأس العالم 1994م، ومعه نبتت شجرة الرياضة السعودية وأورقت اخضرارًا وأثمرت وكبرت.
عانى الأمير سلطان من صخب الرياضة والرياضيين، ارتقى وسما عن صغائر الأمور، وظل وفيًّا لمنهجه في العمل والتعامل، سلاحه الإصلاح بحنو، عينه ترقب المصالح العليا بلا تفريط، ويده تدنو من العقاب بلا قسوة،, كانت روحه خيمة صلح ضمت الجميع وملكتهم طوعًا.
وهو يخطو لصعود المنصة لتسلم جائزة القائد الأولمبي المتميز في ليلة وفاء، شعرت أن شباب ورياضيي الوطن جميعهم على المنصة يلتفون حوله يرددون عبارات الشكر والعرفان التي يهمس بها له الأمير عبد العزيز بن تركي رئيس الهيئة العامة للرياضة الشاب، الذي يؤمن أن منجز الحاضر والمستقبل من منبعه لا ينقطع.
الكل له ذكريات ومواقف في كل اتجاه مع الأمير سلطان، لكن الإنسانية منها لا تقاوم، كنا ننشر في صحيفة الرياضية بعض الحالات التي تناشده وغيره بالعون بعد الله، فيبادر للتجاوب معها، لكنه يشترط عدم نشر ذلك ونفعل نزولاً عند رغبته، خلال عشر سنوات من العمل في الصحيفة تخللها الكثير والكثير مما لا يتفق معه، بل ينغص عليه، لا أتذكر أنه أوعز أو بادر للاتصال معترضًا إلا مرة واحدة كان فيها غضبه عشمًا وعباراته توجيهًا محترمًا.. الأمير سلطان بن فهد غادر الكرسي مجللاً بالإنجاز، وعاد للمنصة سلطانًا مكرمًا بشخصه وبها.