نجوم عظام
لكن ليس للأبد
كل شيء في هذه الدنيا ينشأ يتطور يتغير يزول، الكرة الأرضية تدور، اليابسة تتفجر عيون ماء والأنهار تجف، الطفل يصبح شيخًا، الأمس تاريخ واليوم ماضٍ، إلا في كرة القدم التي صنعت كي تتدحرج للأمام تعود للوراء ترتفع تسقط، البعض منا لا يريد أن نقول إنها تغيرت وتتغير دومًا.
البعض إذا دار الحوار حول كرة القدم التي كانت أو حاضرها ومستقبلها، عن مواهبها ونجومها، نلمس منهم ريبة وشكًا فيما يقال عن أنها تبدلت عما كانت عليه، وأن ما كان حسنًا ولا غنى عنه لا يسوى اليوم الكثير، يظنون ذلك طعنًا في موهبتهم، وتقليلًا من نجوميتهم وما أنجزوه.
هناك فرق بين أن تنكر تأريخ الإنسان ولا تحفظ له قيمته وما أنجزه، وبين أن تضع له نقطة على آخر السطر لتعطي الحاضر نصيبه من الإعجاب والدهشة. كرة القدم منتصف القرن الماضي ليست هي التي كانت أوسطه، ولا تمت بصلة لآخره، ومختلفة جدًا في ألفيته الجديدة، ولن تكون في المستقبل كما هي عليه حاليًا.
المقارنات على أساس الجدل لا قيمة لها، على سبيل المثال لا الحصر: بيليه ملك الكرة لكن ذلك ليس للأبد، ومارادونا ساحرها إنما لسحره حدود، قبل ذلك أسأل لِمَ تجاهلنا عباقرة الكرة في زمنهما؟ ولماذا يحلو لنا الآن نكرر ذلك مع ميسي وكريستيانو دون من معهما؟
كرة القدم كل عقدين تتبدل في التكنيك والتكتيك، والمواهب تتشكل بحسب طبيعة المرحلة كذلك النجوم فهم نتاجها، تبدل اللعبة ليس في فكرتها الأساسية، ولا في مفاهيمها وقيمها وآثارتها وأصدائها، وما تفعله في عشاقها، كل ذلك باقٍ، إنما في تشكيلها بما يمدها به عصرها الذي تحياه. كل عصر له بيئة تختلف عما سبقه، ومعه تقدم نموذج اللعب واللاعب والملاعب وكل ما يدور حول كرة القدم.
عمليًا قم بإعادة مشاهدة عدد من المباريات المحلية والدولية مختارة من عقود مختلفة ستلمس التغير في كل شيء. لا تقارن بين أحد ففي نظري هذا أمر خاطئ. الأهم ثق أن أيًا منهم كان سيكون غير ذلك لو جاء في زمن غيره، الجميع سيتشكل بلون وأسلوب عصره والأكيد أن الموهوب الآن ما لم يكن صاحب فكر وذهنية احترافية قد لا يفيد. تخيل لو عاد بيليه شابًا ورغب اللعب مع برشلونة ولم يجد مكانًا له في التشكيلة الرئيسة ماذا يمكن أن تقول.. إذن شاهد واستمتع ولا تقارن.