الرياضة
علم لا يدرس
الرياضة في عصرنا الراهن باتت من شواهد رقي الأمم وتقدم الشعوب، وهي علم قائم بذاته ويمتد بتأثيراته إلى الكثير من المجالات الحياتية، بما فيها المجال الاقتصادي والمجال الاجتماعي والمجال السياسي، وغيرها من المجالات الحيوية المختلفة التي تهم الإنسان، كما أنه يتأثر بالمعطيات والمتغيرات في كافة الأصعدة ليس على المستوى المحلي فحسب بل أيضًا على المستوى العالمي كاستجابة لمقولة “العالم بات قرية كونية يتأثر من يقيم في أقصاها بما يدور في أدناها”.
وفي ظل هذه الأهمية الكبرى للرياضة أصبح تطويرها عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات الدول، وهو محوري في الأولويات التي ترصد ميزانيات ضخمة للنهوض بها، وأكثر من ذلك، ففي كثير من دول العالم المتقدمة رياضيًا هناك مناهج علمية متخصصة لتدريس الرياضة كعلم يتطلب النجاح فيه تجاوز اختبارات هذه المناهج التي يضعها متخصصون يتمتعون بالخبرة الرياضية والعلمية، بينما لدينا ـ بصفة عامة ـ للأسف لا زالت الرياضة المدرسية عبارة عن كرة يقذفها مدرس التربية البدنية للطلاب في فناء المدرسة ويذهب لغرفته لتناول “الساندويتش” أو ليقضي بعض أعماله الخاصة، أو ليستمتع بعالم السوشال ميديا عبر الجوال دون أن يقوم بواجبه تجاه جيل المستقبل.
إن من أبرز معوقات تقدم الرياضة في كل دول العالم المتخلفة رياضيًا غياب دور المدرسة بصفة عامة، وبصفة خاصة في جانبين، أولهما غياب المحتوى العلمي، وبالتالي غياب الأهداف والاتجاهات والخطط والاستراتيجيات المستقبلية وكيفية ملامستها، وثانيهما من حيث الممارسة وفق أسس تعليمية تساعد على تنمية المواهب وتعضيد القدرات الفنية لممارسي الألعاب المختلفة في سن مبكرة.
إن تدريس الرياضة كعلم هو اللبنة الأساسية لإخراج أجيال مثقفة رياضيًا تملأ المدرجات وتساهم في القضاء على الجهل والتعصب الرياضي، أجيال تعد علميًا وثقافيًا لشغل المناصب الرياضية سواء على مستوى الأندية أو الاتحادات الرياضية، بل وحتى الاتحادات الإقليمية والقارية والدولية في كافة الألعاب وليس فقط لعبة كرة القدم.
الحقيقة أن المحتوى العلمي من المفترض أن يتضمن لوائح وأنظمة اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية المختلفة ووزارة الرياضة والاتحادات الرياضية المحلية، كما أنه يجب أن يتضمن قوانين الألعاب المختلفة، ويحدّث بصفة مستمرة لمواكبة المتغيرات الدولية.
وأختم بالقول إن مفهوم الرياضة لدى المجتمع والمدارس يجب أن يتغير، بحيث تكتسب الرياضة الأهمية التي تستحقها وتنال الحصص الكافية، ويحظى معلم الرياضة بالمكانة التي تتناسب مع رسالته التي تتجسد في تنمية أجيال رياضية تحقق إنجازات تدون باسم الوطن.