الفارق الحقيقي مع الكرة في أوروبا
من أجل الدعوة للمثالية التي دائمًا ما نحاصر بها لاعبينا في النادي والمنتخب، نقفز إلى خانة اللامثالية فنضعهم تحت الرقابة المشددة، ونتجسس على مزاحهم وغضبهم وانفعالاتهم وخلافاتهم مع بعضهم بعضًا، أو تصادمهم مع الأجهزة الفنية والإدارية والطبية وغيرها.
كأننا نريدهم غير البشر، نعايرهم بنقص الوعي والبعد عن الاحترافية، ونتسابق في القول إن عليهم تقليد المحترفين في أوروبا، فهل صحيح أن المحترف الأوروبي هو نموذج، أم أن عالم الاحتراف واحد مع بعض الفروقات المرتبطة بثقافة المجتمع، وبيئة المنظومة، ولا علاقة لها بضوابط الاحتراف، أم هي في تطبيق القوانين والأنظمة على كل الأطراف؟
في معسكر منتخب إيطاليا، ينقل “أندريا بيرلو” أحد أساطير الكرة الإيطالية الذي لعب حتى سن الـ 35، أنه قبل إحدى مباريات المونديال اختبأ “دي روسي” تحت سرير “غاتوزو” وبقي ينتظر مدة نصف ساعة، وحين وصل “غاتوزو”، من أجل أن ينام، خرج “دي روسي” من تحت السرير، وأمسك به من أطرافه وخرجت أنا من خزانة الملابس كشبح مع إصدار أصوات مخيفة، لكن ثالتنا “رينو” أخذ الأمر بجدية مخافة أن يتعرض “غاتوزو” لنوبة قلبية، فقام بالإمساك بـ”روسي” وأشبعه ضربًا ثم توجه نحوي وفعل نفس الشيء.
أعطاهم المدرب “ليبي” الضوء الأخضر، للخروج في ساعة حرة، بقي “غاتوزو” وحده في الفندق يقول: “ولما عدنا وجدناه في حالة سكر متقدمة، ولأننا نبحث عن شيء نمضي به الليلة ذهبنا إلى غرفته وقد استغرق في النوم، وفي طريقنا إليه تناول “دي روسي” طفاية حريق وقال سأخمد “غاتوزو” هذه الليلة، وقفنا عند الباب وقمنا بطرقه، وبمجرد أن فتحه أفرغ “روسي” محتوى القارورة كاملاً عليه، هرب “روسي” وكنت ضحية هذا الوحش المصبوغ بالرغوة الذي أشبعني صفعًا، ثم قال لي طابت ليلتكم وعاد للغرفة.
هذه ليست كل القصص، لكن المنتخب الإيطالي في النهاية حصل على الكأس، دون أن ينقص ما جرى في معسكره منه شيء، فهو لا يرى أنه شيء، ولم يكن ذلك بسبب أن اتحاده كان ليحمي سمعة لاعبيه، أو لأنه مبتهج بالبطولة، حيث لم يمنعه من كشف فضيحة تتعلق بترتيب نتائج مباريات الدوري الإيطالي، الذي انتهى قبل لعب المونديال، وأعلن تورط يوفنتوس، وأندية أخرى في التلاعب بالنتائج ومعاقبتهم، هنا يبدأ الفرق الحقيقي للكرة في أوروبا عن غيرها.