هدوء
الهلال
لم يحقق الهلال الكأس الغالية لأنه لعب أفضل، ولا لأنه أكثر استحواذًا أو فرصًا، بل حقق البطولة لأنه أكثر هدوءًا وتنظيمًا من النصر. فالهلال منذ تولي فهد بن نافل رئاسة النادي وهو يعمل بصمت.
فهو من الرؤساء القلائل الذين يؤدون عملهم فقط دون زيادة أو نقصان. ابن نافل لا يريد أكثر من القيام بعمله كرئيس. لا يتدخل في عمل المدرب ولا يختار اللاعبين الأجانب ولا يعد بتدبيل المكافآت حتى يثبت أن انتصارات الفريق تمر بمكتبه.
الشيء نفسه ينطبق على فهد المفرج فهو يقوم بعمله وحسب، لا يريد أن يكون بطلاً ولا يرغب في سرقة الأضواء من اللاعبين. لا يجلس على دكة البدلاء في المباراة ولا يوجه ولا يبحث عن الكاميرا ولا أدوار إضافية غير العمل على راحة الفريق وتهيئة كل الظروف الممكنة للفوز.
ما جعل الهلال يستمر في البطولات عقودًا طويلة، ليس أنه أفضل من الآخرين فنيًّا، بل لأنه أفضل تنظيميًّا، فكل شخص يقوم بعمله دون التدخل في عمل غيره. هذا الوضع يجعل اللاعب في راحة كبيرة، فهو النجم ومن يستحق الثناء والمدح وهو من يحقق الانتصارات. المدرب والإدارة مجرد أدوات مساعدة للاعب ولكنها لن تلعب ولن تسجل أو تحمي المرمى.
في الهلال عرفوا ذلك مبكرًا، فأعطوا اللاعب حقه وجعلوه يتفرغ للإبداع والأداء وتحقيق البطولات. ولكن اللاعب يبقى جزءًا من الفريق لا يمكن أن يكون أهم منه، ولا يمكن أن يُقدم لاعب مهما كانت نجوميته على الفريق.
التنظيم خارج الملعب ينعكس على الفريق داخل الملعب، فالمدرب هو صاحب الكلمة الوحيدة، وهو من يختار اللاعبين والطريقة، حتى عندما يخطئ المدرب في تغييراته ويشرك لاعبًا في غير مركزه تجد الفريق لا يتأثر، فالجماعية تغطي أخطاء المدرب.
أيضًا انخفاض مستوى اللاعبين لا يظهر بشكل واضح في المباريات، لأن هناك لاعبين آخرين يقاتلون لتغطية الخلل. لم يكن جيوفينكو في أفضل حالاته في النهائي، بل إن الهلال عانى من أدواره الضعيفة هجوميًّا ودفاعيًّا، ولكن الفريق غطى سريعًا هذا الضعف، حيث زاد سالم وكاريلو من دخولهما لوسط الملعب هجوميًّا، وزاد سلمان الفرج وكويلار من قتاليتهما الدفاعية.
قد يفوز الحماس على التنظيم مرة أو مرتين، ولكن التنظيم يضمن الاستمرارية على المدى الطويل.