التحكيم
والثقة الزائدة
صعقنا السويسري مانويل نافارو، مدير دائرة التحكيم في الاتحاد السعودي لكرة القدم، بتحذيره الحكام من “الثقة الزائدة”! ولا أفهم قصده من “الثقة الزائدة”، لكن له تفسيران، إما أنه يقصد أن الحكام لديهم ثقة زائدة بأنفسهم، أو أنهم يثقون في زملائهم حكام الـ VAR.
وفي الحالتين أجد أن مانويل جانب الواقع، وعبَّر عن عدم فهمه شخصية الحكم السعودي، فالمتابع للحكم المحلي خلال المباريات الماضية من الدوري والكأس، يجد أنه يفتقد الثقة في النفس بشكل جلي، يمكن أن تلتقطه الكاميرا، لذا تستغرق مشاهدته لقطات VAR وقتًا طويلًا بسبب تردده في اتخاذ القرار، كذلك لا يعتمد على رأي حكام الغرفة المغلقة بسبب الثقة المطلقة في قرارهم، بل لأنه لا يريد أن يتحمَّل مسؤولية القرار.
الاعتماد على الحكم السعودي بشكل كامل ليس في مصلحته ولا مصلحة اللجنة، ولو كنت في اللجنة لطالبت الاتحاد السعودي بتحمل تكلفة الحكام الأجانب، خاصةً في المباريات الجماهيرية، والتحجج بأن الأندية لم تطلب حكامًا أجانب غير مقبول، فالأندية تعاني من ضائقة مالية خانقة، ولا ترغب في دفع مصاريف خدمة كانت تحصل عليها مجانًا.
يجب أن نعود إلى أصل المشكلة، وهي عدم تقبُّل الأندية أخطاء الحكم السعودي. الحكم الأجنبي يخطئ كثيرًا، لكنَّ اللاعبين والأندية “معظمهم” يتقبَّلون أخطاءه باعتبارها جزءًا من اللعبة، بينما خطأ الحكم المحلي جزء من تاريخ طويل ومخطط كبير لإسقاط النادي.
الإجابة عن السؤال التالي يمكن أن تساعدنا في اتخاذ القرار المناسب:
أيهما أهم دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين أم دعم الحكم السعودي؟
أجد تعارضًا واضحًا بين التوسع في الاعتماد على الحكم السعودي، وتطور الدوري، فتأثير الحكم ليس فقط في القرارات والنتائج، بل وفي طريقة اللعب أيضًا. زادت حالات التمثيل وادعاء الإصابة، وإضاعة الوقت، ومحاولة التحايل للحصول على “بلنتي”، أو “فاول”، أو بطاقة في الموسم الجاري بشكل لم نشهده في الموسمين الماضيين! بل إن لاعبين احترفوا إطالة الكرة قصدًا حتى يدخل الخصم باندفاع لأخذها، ثم يصطدم به، ويقع متألمًا، وكأن ساقه قد كسرت، وبمجرد احتاسب الـ “فاول” وإشهار البطاقة يقوم بسرعة.
أنا من أنصار المدرسة الواقعية التي تقيِّم الأمور كما هي، لا ما يجب أن تكون، وأرى أن عودة الحكم الأجنبي ضرورية، خاصةً مع انحسار فيروس كورونا وعودة الرحلات الدولية.