في حضرة
السيدة
كان لا بد أن يخسر ليفربول بعد حوالي أربع سنوات لم يذق بها طعم الخسارة على ملعبه “آنفيلد”، وأن يخرج ريال مدريد من دور الـ 32 لمسابقة كأس ملك إسبانيا على يد ناد مغمور “ديبوب تيفو الكوبانو”.
كرة القدم لعبة تنافسية لا تؤمن باحتكار الانتصارات، ولا تخضع نتائجها لسجلات التاريخ، وتستهزئ بنظرية المؤامرة، تستحث الكل على احترام قواعدها، فإن لم يفعلوا سعت لإخضاعهم لها صاغرين.
كرة القدم تذكرنا بين الفينة والأخرى، أنها غير راضية على مستوى فهمنا لها، ولا على اعتقادنا أنها تحت سيطرتنا، أننا نملكها ولا تملكنا، تريد أن تشرح لنا أنها أصل الحكاية ونحن من جاء بعدها، أنها حتى ونحن نركلها تذهب حيث تريد هي، وعندما نصل جميعنا بعشرات الآلاف إلى الاستاد، وبالملايين خلف الشاشات تحضر وحدها كسيدة القصر، الكل تحت أمرها وبأمرها.
نتائج مباريات مطلع الموسم المفجعة، وبالرغم من نسبها إلى تداعيات جائحة كورونا، مثل خسارة ليفربول من أستون فيلا 6/0 واليونايتد من توتنهام 6/1 والمنتخب الألماني من الإسباني 6/0، وأخرى في كل ملاعب العالم، إنما هي رسائل تذكيرية من كرة القدم إلى أسرتها، أن عليكم إعادة فهم قواعد التنافس، تراجعوا عن كبريائكم الزائف، جميعكم تحت طائلة شرعتي، أنا من يحكمكم.
يمثل فوز الكوبانو المغمور على ريال مدريد، وبعد أن هزمه أتلتيك بلباو في نصف نهائي السوبر قبلها بأيام قليلة، سقوطًا مخزيًا لا يليق بأهم أيقونات اللعبة على مستوى العالم في العصر الحديث، هذا وصف يمكن اعتباره مسيئًا للريال، إلا عند السيدة كرة القدم التي لا تعترف إلا بمن يؤمن بسلطانها، لا بمن يخرج على طاعتها.
الروح القتالية واحدة من الأسباب التي تمنح بها كرة القدم النتائج، كانت وراء ما حصل به “الكوبانو” على هذا الانتصار بحسب تقارير صحفية إسبانية، حيث فرض على الريال خوض وقت إضافي قبل أن يحرز هدف الفوز برغم طرد أحد لاعبيه، الأسباب الأخرى التي علينا الإيمان بها، أن لا شيء يمكن أن يستمر على حاله، ولكن إذا ما كنت في وضع جيد، حاول ألا تضيع أي فرصة لاستثمارها.
الأندية والمنتخبات لا تصبح مهمة وكبيرة، إلا إذا كانت لا تنكسر إذا خسرت المعارك، طالما أنها كالعظماء، هم في النهاية من ينتصر في الحرب.