التركيز
فقط
تحتار الأرقام وتصاب المقاييس الفنية بالإغماء أمام نتائج الدوري هذا العام. تحس وأنت تتابع المباريات بأنك تركب قطار الموت، ترتفع بقوة ثم تعود لتهوي إلى الدرك الأسفل.. وبعد أن تهدأ أنفاسك وتنتظم دقات قلبك وتتلفت حولك لتعرف مكانك تنقلب الأمور رأسًا على عقب، وتفقد الإحساس بالوقت والاتجاه والارتفاع ولا تدري فريقك متصدر أم مهدد بالهبوط.
المفاجآت تحولت لشيء متوقع.. المركز الأخير يفوز على المتصدر عادي.. حامل اللقب يسقط أمام الصاعد لا غرابة.. فريق يفوز بالثلاثة ثم يعود بعدها بأيام، ليخسر بالأربعة “ما به جديد”. أما “الريمونتادا” فأصبحت هي الأصل ومن يتقدم تنقلب عليه النتائج لا محالة.
في عز التذبذب والعشوائية الفنية تبرز فرصة سانحة يمكن لمن يملك الرؤية اقتناصها، من يركز على الجانبين النفسي والمعنوي سيجد الطريق سالكة، فقط هناك حاجة للهدوء وعدم تضخيم الهزائم. كل الفرق ستخسر من فرق أقل منها، ولكن ردة الفعل القوية عند كل خسارة ستجعل الفريق يدخل أزمة هوية.
الصبر على المدربين واللاعبين الأجانب والمحليين وتقليل حدة النقد وخفض التوقعات ستفيد الفرق في مرحلة انعدام الرؤية الأفقية. الأندية التي تملك رؤساء أندية هادئين ستكون أكثر تركيزًا من غيرها. إداري الفريق الحار و”الممرور” سيكون عالة على الفريق، وسيخرج فريقه من جو المباراة. الجماهير المنفعلة والعاشقة لهاشتاق استقالة الإدارة وطرد المدرب لن ينفعها الصراخ وكثرة التمتمة.
الصراع بكل بساطة في موسم 2021 هو صراع على التركيز، مَن يستطيع التركيز أكثر وسط العجاج سيكون أقرب للنجاة. من يشغل فريقه بالاحتجاجات والاعتراضات سيكون فريسة سهلة، أما الأخوة اللاعبون فيجب أن يتحلوا بالصمت خلال هذه المرحلة، فالأمور لا تحتمل كل هذا الضجيج. هناك حكمة قديمة تقول “الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية” desperate times call for desperate measures، لذلك فإن ما نمر به اليوم هو وضع استثنائي بمعنى الكلمة، ولا يمكن الحكم على مستويات الفرق والمدربين والإدارات، من خلال أوضاع غير طبيعية يمر بها العالم أجمع.
من يتحلى بالحكمة والصبر والهدوء سيجد فريقه في ترتيب أعلى من إمكاناته وطموحه، فقط تابعوا القادسية وستعرفون سر النجاح في زمن الجائحة، رئيس عاقل وحكيم ومدرب واقعي وهادئ ولاعبون لا يملكون سوى القدرة الهائلة على التركيز.