ميسي
العجوز يفوز
لا يوجد لاعب فشل أكثر من ميسي في الحصول على ما يستحقه، يخرج من كل خسارة منهارًا كارهًا الكرة ومعلنًا اعتزال اللعب الدولي، مسيرته مع الأرجنتين مليئة بالخيبات الكافية لكسر طموحه ورغبته وشخصيته. كل من راهن عليه أفلس، ولكن ميسي بقي واقفًا ليعطينا مثلًا خالدًا في المثابرة وعدم اليأس. بعد مئة عام سيُذكر ميسي وتختفي كل الأسماء.
اليوم ميسي أقل سرعة من ميسي الذي خسر كأس العالم 2014، ميسي اليوم أقل مجهودًا من ميسي الذي خسر كوبا أمريكا مرارًا وتكرارًا، أصبح سهل التغطية ولم يعد يراوغ بمرونة. تأخر تفكيره، وردة فعله ترهلت وتوارت. ما تغير في ميسي أنه جاء لهذه البطولة وهو على يقين أنه لن يفوز. كانت الضغوط أقل، أصبح يتعامل مع الهزيمة على أنها متوقعة.
حتى لو خسر هذه البطولة لم يكن ليغضب أو يُطرد أو يصبغ شعره بالأصفر، لو خسر لذهب لنيمار واحتضنه وقدم له التهنئة. لو خسر لصفق له الجمهور ربما أكثر من أي وقت مضى.
رغم أن الخسارة مُرة إلا أنها تعطينا وقودًا مشتعلًا يدفعنا إلى العودة، قد يكون وقود ميسي الذي جعله متحمسًا للفوز مع المنتخب أنه لم يحقق شيئًا لبلاده رغم مسيرته الكروية المبهرة. أجد أن فوز ميسي بكوبا أمريكا في آخر أيامه الرياضية أعطى لمسيرته لمسة سينمائية لم يحظ بها حتى مارادونا.
ما يجعل مسيرة ميسي مختلفة أنه بقي ينهار ويعود، بقي يقع ثم ينفض الغبار عن نفسه ويقوم، بقي 18 عامًا يحاول ويسقط ونحن نسأل أنفسنا: متى سيتوقف البرغوث عن المحاولة؟
لست من عشاق ميسي على الإطلاق، بل من عشاق الدون ولكن ميسي أعطى درسًا لكل من يدعي أن الفشل له أسباب خارجية، علمنا أن الحظ وسوء الطالع لا يوجدان إلا في الفناجين وقصص الفاشلين. علمنا أنك إذا بقيت تركض فيمكن أن تصل يومًا.. وصل متأخرًا جدًا ولكنه وصول ملكي يليق بمسيرته ليقف جنبًا إلى جنب مع بيليه ومارادونا مع احترامي الشديد وإعجابي المديد بكريستيانو.
أستطيع أن أقول دون شك إن مسيرة ميسي لن تتكرر إلا في أفلام الخيال وقصص الأطفال.