هل تعاقداتنا بنية اضرب واهرب؟
بدأ الصحافي “برناردو سيلفا” تقريره، الذي كتبه للجارديان البريطانية “الصفقات الأمثل لفرق الدوري الإنجليزي هذا الصيف”، بالسؤال عن المتطلبات الحقيقية، التي يحتاجها كل فريق من الأندية العشرين، التي تلعب الدوري الممتاز، عن تلك التي يمكن لها أن تقيده وتدفعه للأمام؟
هذا السؤال المفتاح هو المنهج الصحيح، الذي يلزم أن يتبعه كل نادٍ عند التعاقد مع أي لاعب، لكن قبل ذلك علينا التأكد من أن النادي تتوفر لديه الأموال اللازمة والظروف المساعدة لنجاح اللاعب، هاتان المسألتان تتعلقان بالإدارة والجهاز الفني وبيئة النادي والمدينة، ولا عيب في التخلي عن خطوة التعاقدات إذا فقدت هذه الشروط.
لكن ماذا عن صفقات الـ 16 ناديًا، الذين يلعبون في الدوري السعودي الممتاز، ما نسبة نجاح الاختيارات إلى مبالغ العقود وإجراءات التعاقد، وسلامة كتابة العقود وقدرة الوفاء بالالتزامات المالية؟ لا بد من أن تحصل على درجة عالية كونها أمورًا في المتناول، ويمكن ضمانها، أما ما يقدمه اللاعب بعد أخذ كل تلك الأمور في الاعتبار، فهو خارج السيطرة.
في تقارير صحافية محلية كشفت عن أن البرازيلي “ماتيوس بيريرا”، المنضم هذا الصيف للهلال، هو الأعلى قيمة سوقية بـ 15 مليون يورو، تلاه لاعبا النصر البرازيلي “تاليسكا” والكاميروني “فينسيت أبو بكر”، وكلاهما بـ 10 ملايين يورو، والثلاثة جميعهم يتقدمون عن المتجاوز لهم شهرة وخبرة المنضم للأهلي البرازيلي “باولينيو”، لاعب برشلونة السابق، والقيمة السوقية “تقديرية” لا تعني بالطبع قيمة العقد “الفعلية”.
وإذا كان “بيريرا” الهلال سيشغر خانة الإيطالي “جيوفينكو”، الذي تم الاستغناء عنه، فما هي جدوى التعاقد مع المالي “ماريجا” بوجود الفرنسي جوميز، كذلك تعاقد النصر مع “أبو بكر” بوجود “حمد الله” مع إمكانية تعزيز خط الدفاع أو مركز الحراسة، هذا لا يمكن قبول أنه من باب دعم دكة البدلاء بمثل هؤلاء النجوم المكلفين ماديًّا، في الوقت الذي يتوفر للفريقين لاعبون محليون يمكن لهم أداء هذه الأدوار عند تأمين كل المراكز وسدها بالأكفاء من الأجانب التي يحتاجانها، لا مضاعفة دعم مراكز معينة وإهمال أخرى.
الاندفاع في التعاقدات بعقلية “المشجع” خطأ يمكن للمشجع أن يتراجع عنه بتغريدة، لكن تراجع النادي مكلف ماديًّا ومدمر فنيًّا، ولا تفعله إلا الإدارات قليلة الحيلة، التي لا تملك رؤية، وتعمل بنية “اضرب واهرب”.