يوم الديربي..
هل من قصة جديدة؟
لا أحد من المهتمين أو العاملين في المجال الرياضي من جمهور أو إعلام يمكنه أن ينكر أن مباراة «الديربي» قد أقضّت مضجعه، أسعدته يومًا وأحزنته أيامًا، صدمته، أذهلته، تمنى لو لم تقم، أن ينام ويصحو فلا يسمع عنها شيئًا.
كم كذب على غيره بتصنع اللامبالاة، وتحايل على نفسه أن تهدأ وتستكين، وكم أوجد له العذر من أجل عدم مشاهدة المباراة، لكنه ظل يسترق لها السمع ويخاتلها النظر. هذا الكابوس المسمى مباراة «ديربي» ليست مقياس التكافؤ، لكنها ميزان التناكف من يرجح له محظوظ ومن يرجح به تعيس.
إن أدار «الديربي» ظهره له ناله ما أمكن من أذى خصومه ليل نهار، وإن فتح له ذراعيه حسب أنه لا يحزن أبدًا، ما يلبث وتعود أسطوانة «ديربي» تدور من جديد ومعها نفس الأجواء الملبدة بالحذر والقلق، كل «ديربي» كأنه يأتي للمرة الأولى.
الخبرة التراكمية لا مكان لها في عالم «الديربي الموحش»، لا دروس تتعلمها من «الديربي» وإن طال به وإياك العهد، لا صاحب له ولا رفيق، إن أضحكك فلا تأمنه وإن أبكاك فلا تنهره، روض نفسك على تقبل نهايته بطمأنينة ورضا، لا تكن عونًا له عليك لا تفتح بسببه طريقًا إليك، ولا تطرق بابًا خلفه جواب يشقيك.
يروي إدواردو غاليانو أن كاتبًا أرغوانيًا من غير المهتمين بكرة القدم كان ذات يوم يبحث عن موسيقى يستمع إليها من المذياع، وبينما كان يبحث التقط بالصدفة بثًا لمباراة قمة الدوري المحلي، وفيها خسر نادي بينارول 0ـ4 أمام ناشيونال، وعندما خيم الليل كان حزينًا جدًا إلى حد أنه قرر تناول العشاء وحيدًا حتى لا يسبب الكآبة لأحد، فمن أين جاءه هذا الحزن؟
كان على وشك أن يقتنع بأن ما أصابه هو اكتئاب لمجرد الاكتئاب، لكنه أدرك فجأة عندئذ أن سبب حزنه الهزيمة التي لحقت بنادي بينارول، لقد كان مشجعًا لبينارول دون أن يدري، ولكم أن تستعيدوا من ذكرياتكم القريبة أو البعيدة كم انتابكم ذلك الشعور بالحزن، ومتى آخر مرة تساءلتم فيه عن سبب شعوركم بالضيق ساعة استيقاظكم صباح ليلة «ديربي» عاصف نال ناديكم فيه الخسارة دون أن تفهموا أنها السبب!