من يوجّه الحكام؟
قانون اللعبة يتجسد في “الحكم” لا في مواد القانون، “الحكم” يمكنه أن يكيف النص حسب فهمه وتفسيره أو ردة فعله واستجابته للحكم على الحالة، تلك اللحظة المهمة يمكن للحكم أن يكون سارحًا أو متعبًا أو مرتبكًا متوجسًا، “الحكم” ليس بعيون مفتوحة في الـ 90 دقيقة ولا حاضرًا، عزيمته تشتد وتخفت شجاعته تحضر وتغيب، “الحكم” مثل كل الذين في الملعب وخلف الشاشات.
مواد القانون نصوص مكتوبة يمكن لكل مهتم أن يقرأها، يحفظها عن ظهر قلب، من يمكنه أن يحكم بها كما هي قليل جدًا ومن ينجح أقل، ومن يحصل على العلامة الكاملة لم يوجد بعد ولن يوجد للأبد، إنما أكثر ما أضر بالحكم هو اعتقادنا أنه لا يخطئ أو يجب ألا يخطئ بوصفه ميزان العدالة، وإن كان المطلب صحيحًا، إلا أن من الخطأ تصور أن يتحقق ما لم نفهم فلسفة اللعبة التي يعد “الخطأ” جزءًا منها.
بعد نهاية مونديال 2010م أثنى “فيفا” على أداء التحكيم، ووصف خوسيه غارسيا، رئيس لجنة التحكيم بالفيفا، أداء الـ 29 حكمًا بأنه “نجاح عظيم”، وقال: “إن أكثر من 96 في المئة من قراراتهم كانت “صحيحة”، والمفارقة أن التصريح هذا تجاهل أن “فيفا” استبعد في الدور الأول من البطولة عددًا من الحكام المخطئين خصوصًا اللذين قادا مباراتي ألمانيا، وإنجلترا والأرجنتين والمكسيك.
في مونديال 2014م كشفت صحيفة “بيلد” الألمانية أن “فيفا” وجه الحكام سريًا بتجنب إشهار البطاقات الصفراء بأكبر قدر ممكن، مما تسبب في عدم سيطرة الحكام على مجريات عدد من المباريات. وهنا مسألة مهمة يجب فهمها، إذ هل للجهة التي تدير الحكام أن تتحكم بطريقة أداء الحكم وإدارته للمباراة، وما إذا كان يمكن أن يتعداه إلى ما هو أكثر من ذلك؟!
كيف يمكن فهم الدور الذي تلعبه اللجان والاتحادات “سريًا” في التأثير على أطقم التحكيم التي تدير المباريات. وما إذا كانت تتوقف عند تكليفه أم تستخدمه لتنفيذ سياستها أو مدرستها أو تطبيق قناعاتها، وما هو “النجاح” في نظرها، ندرة الأخطاء، أم السكوت عليها، ردود فعل الجمهور والإعلام، أم التأكد من سلامة عملها وكفاءة عناصرها وموثوقية من يديرونها؟.