الفيحاء يدخل التاريخ من أوسع الأبواب
حقق نادي الفيحاء إنجازًا تاريخيًا "بحق وحقيقة" وبجدارة مستحقة، نال أغلى الكؤوس واللقب الذي أسس لكل إنجازات الأندية السعودية وحلم جمهورها الذي تتمناه وتفاخر به، وزاد عليه أن نال شرف أولوية من يتسلمه من ولي العهد محمد بن سلمان، وصادق على جدارته أن حققه أمام الهلال.
الفيحاء كان أمام تحدٍ كبير قبل المباراة وخلالها، فمن جهة عليه أن يواجه بطلًا متمرسًا مدججًا بالألقاب والنجوم، ولا يمكن أن يعتمد في ذلك على أفضلية فوزه عليه في مباراة دورية، فهو أمام مباراة ليست مثل سابقتها ولا كل مباراة، ومناسبة مهيبة ولحظة تاريخية حرجة، ثم حين تبدأ المباراة سيواجه اكتساحًا هجوميًا يصعب التماسك أمامه، والصمود مسألة وقت ما يلبث أن يحل بدلًا منه الانهيار.
هذا سيناريو افترضته النسبة العظمى من الجمهور والإعلام والمراقبين وكنت من بينهم، لكن لم يُغفل أيًا منا أن الفيحاء "يستطيع" فهو فنيًا يملك تنظيمًا دفاعيًا من خلال كتلة قد يصنعها من اللاعبين العشرة، وحارس متميز وتشرب تام للطريقة والخطة، وربما آخرون انتظروا أن يفعلها الفيحاء في إطار "المفاجأة"، والبعض من باب التمني لعل وعسى، فما لذي حدث عمليًا؟.
تجاوز الفيحاء "رهبة" وحساسية المناسبة من خلال عقلية إدارية ناضجة "أبانمي" وإدارته، ومن خلفهم داعمون مهمون، بلغة خطاب لا تعرف "التشكيك" ولا تؤمن بالضجيج، قدمت النادي منذ صعوده الأول "لدوري أندية الدرجة الممتازة" بصورة متزنة ومتصالحة مع واقعها الفني، وحجم التنافس وقدرة المنافسين، هبط وعاد دون أن يترك أثرًا يعيب مسيرته أو يشوهها، بل زادها إشراقًا بما استطاع أن يقدمه "دوريًا" وأن ينجزه أخيرًا.
خلال المباراة لعب الفيحاء بسياسة الصبر والتحمل والتركيز الذهني، استوعب امتلاك الهلال للكرة لأن هذا أسلوبه الذي يسيطر به على الملعب مع جميع الأندية التي يقابلها، ولم يغير خطته بعد اهتزاز شباكه بهدف سالم الدوسري بل ظل مؤمنًا بكرته وبشخصيته الفنية، وأحسن مدربه في بعض تبديلاته التي سيرت المباراة لركلات الترجيح وفيها تفوق أيضًا، نادي الفيحاء بالمجمعة أصبح عاشر نادٍ يحقق كأس الملك، لقد دخل عالم البطولات من أوسع الأبواب بعد أن تم ذلك على حساب الهلال بجدارة واستحقاق.. كلمة مبروك لا تكفي.