الهلال
«بيت العائلة» الكبير (1)
يبدو أنه كان تقليدًا قبل المباريات الكبرى، أربع قطع من السجاد تفرش مساءً أمام الباب الكبير الذي تعلوه لوحة بعرض الثلاثة أمتار كتبت باللونين الأزرق والأبيض “نادي الهلال”، وتحتها بأحرف أصغر “رياضي ثقافي اجتماعي”، يفترشها رجال بأعمار واهتمامات مختلفة، يجتمعون تحت شعار “عشاق الهلال”.
كان ذلك مقر النادي بالناصرية، أوائل السبعينيات الميلادية، قبل وقت قصير من الانتقال إلى مقره النموذجي الحالي بالعريجاء، أحد إهداءات الرئاسة العامة لرعاية الشباب للأندية، بفئاتها الثلاث، ذلك يحدث بشكل عفوي لا يخلو من القلق والترقب، لكنه يعمل كما يقول هؤلاء الرجال على تأمين المبنى، الذي يحتضن معسكر الفريق “ليلة المباراة” ورسالة طمأنة، وبث الحماسة داخل اللاعبين.
مقر “الفيلا” الذي تم استئجاره، يعدُّ حينها نقلة نوعية، من حيث توفيره لمساحات يمكن توظيفها كمكاتب وملاعب ومرافق أخرى، شهد على تحقيق الهلال للقب الأول للدوري الممتاز 77م، وعودة كأس الملك لخزينته 80م، وهي الكأس الغائبة بعد كأسي 61م و64م، هذا ما يمكن أن يكون على سطح تاريخ الهلال، إلا أن هذه الفترة كانت أهم مراحله، حيث اختزنت في أعماقه، كل أسرار بقائه وتمدده.
في المكتب الذي يلي دخولك المبنى، بعد أقل من 15م من تجاوزك الباب الكبير للمقر تجد على يمينك مكتب الرئيس، هذا لا يتيح لك التدقيق في المكتب الصغير لسكرتير النادي الذي يسبقه، حيث يأخذك بريق الشخصيات التي تجلس على كرسي الرئاسة، من الأمراء والشخصيات الذين تأسسوا في الهلال مع وبعد تأسيسه على يد عبد الرحمن بن سعيد، وكتب جميعهم “أدبيات” الهلال وخطط لأهدافه، كان كل شيء حينها يشي بأكثر من نادٍ رياضي.
كان عبارة عن “بيت عائلة” كبير، يجمع بين أسواره الأربعة الحكايات والأسرار والآمال، ملعب في المقدمة يتقاسمه فريقا الكرة الطائرة والسلة، وآخر في الأقصى للعبة كرة اليد وللكاراتيه، وربما لبراعم كرة القدم، أو يحتضن حفلًا غنائيًا ومسرحية وأنشطة ثقافية، فيما كان الفريق الكروي يتدرب مع بقية أندية العاصمة في ملعب الملز، لو زرت النادي “اليوم” ستجد أنه يحمل ذات السمات، ونفس السحنات، توارث الجينات كان مهمًا في الامتداد، إلا أن أفراد العائلة كان بينهم عقد خلق ما هو أهم، الاستقرار والطموح.