ميسي والمعيوف والعويس
لا أخفيكم، أن الخوف قد داهمني وأنا أشاهد ميسي يسجل الهدف الثاني له في مرمى جامايكا قبل يومين.. فتسجيله من كرة ثابتة يثير القلق ونحن نقترب من مواجهة الدبور بعد خمسين يومًا في أولى مباريات المونديال.
عندما بدأ ميسي يجهِّز الكرة قبل التسديد تخيَّلت أنه مرمى المنتخب السعودي، فأحسست بأننا في حاجة أكثر إلى المعيوف.. ليس لأن المعيوف أفضل من العويس، بل لأن الخبرة والثقة تصبَّان في مصلحة “راعي المعروف”. لم تكن تسديدة ميسي قوية، لكنها ذكية، واستغل ارتباك الحارس الجامايكي وقلة تركيزه، ووضعها في زاويته.
كأس العالم بطولةٌ مختلفةٌ عن كل البطولات، هناك هيبةٌ ورهبةٌ، لا يمكن وصفهما، لذا تلعب الثقة في النفس دورًا مهمًّا في تألق لاعبين، واختفاء آخرين. لو رجعنا لأفضل نتائج المنتخب السعودي على مر مشاركاتنا في كأس العالم، لوجدنا أن أمريكا 94 كانت الأفضل، والسبب من وجهة نظري وجود عدد كبير من اللاعبين الذين يملكون ثقةً عاليةً في قدراتهم، ثقة تحوَّلت إلى ثبات انفعالي في جميع مباريات المنتخب الأربع، وأسهمت في التأهل بجدارة إلى الدور الثاني بانتصارين مستحقين.
فهد الهريفي، وسعيد العويران، ومحمد الدعيع، وأحمد جميل، وسامي الجابر، وفؤاد أنور، وفهد الغشيان، يملكون ثقةً عاليةً في النفس، لا يملكها إلا القليل من النجوم، لذا لو خُيِّرت بين لاعب مبدع، ولاعب واثق في نفسه لاخترت الأخير، لأن كأس العالم تهزُّ قلب الكبير، وتحتاج إلى قلب من حديد.
المعيوف اليوم يمرُّ بأفضل مراحل مسيرته الكروية على الإطلاق، نضج، ووثق، وتحوَّل إلى لاعب لا يعرف الخوف ولا القلق، بل إنه خلال الموسمين الماضيين كان حاضرًا في أحلك الظروف وأصعب اللحظات.
أتفهَّم وجهة نظر مدرب المنتخب وأحترمها، فهو يريد الحفاظ على حارسه الذي أسهم في تأهله، وقاد الفريق إلى المونديال. أتفق وأبصم بالعشرة، لكن الإصابات لا ترحم، والطرد وارد، لذا فإن وجود حارسين مميزين خيرٌ من وجود واحد.
العويس والمعيوف في إمكان أي منهما حماية مرمى الأخضر في المونديال بكل اقتدار، لكنَّ الأقدار والأحوال قد تتغيَّر وتتبدَّل، فلا عذر إذًا للمخاطرة وعدم ضم المعيوف حتى لو كان الحارس الثاني أو الثالث.. لا أجد مبررًا للعناد يا رينارد.