ذكاء يسعدني
أم جمال يتعسني
من عاصر أو شاهد مونديال إسبانيا 1982 يعرف تمامًا أن الجمال وحده في كرة القدم لا يأتي بالإنجازات، فما زال المنتخب البرازيلي 82 هو الأجمل والأمتع عبر التاريخ، ولكنه لم يحقق البطولة.
كان ولا زال سقراطس ورفاقه زيكو وفالكاو وجونيور وسيريزو وباولو إيزيدورو وإيدر وغيرهم بقيادة الداهية تيلي سانتانا أسماء خالدة في أذهاننا من فرط الجمال الذي قدموه، فكل فنون اللعبة كنا نراها في تسعين دقيقة ولكن!!!
بقدر ما أسعدونا ومتعونا إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة لعدم تحقيقهم البطولة، فلو سألت أي لاعب من ذلك الجيل عن أسوأ لحظات حياته لكانت إجابته هي هزيمتهم في مونديال 82 من إيطاليا التي كانت بعيدةً عن الترشيحات وحققت البطولة بذكاء بعيدًا عن الجمال، وكان الـ (هيرو) هو باولو روسي الذي أُفرج عنه من السجن ليلعب البطولة فحققها وكان هدافها أيضًا.
أسعدونا وأتعسوا أنفسهم وسنظل نشكرهم ما حيينا، فمن يقدم لك الجمال وفي أي مجال لا بد أن تشكره وتقدره، ولكن الغريب أن هذا التقدير يبقى غصة في حلق أصحابه لأنه لم يأتِ بإنجاز ولم يكتب في التاريخ أن البرازيل وبكل ذلك الجمال حققت كأس العالم في ذلك العام.
من الدروس التي يجب أن نتعلمها في هذا المونديال المبهر الذي نجحت الشقيقة قطر في تنظيمه هو أن تلعب بذكاء وليس بجمال وإن كان الذكاء فيه بعض الجمال فلا بأس ولكن يبقى الذكاء أولًا.
وسوف أوضح ذلك في المنتخبين المغربي والسعودي. فالمغرب وبكل نجومها المهاريين المحترفين في أندية كبيرة في أوروبا، مثل زياش وبوفال والنصيري وأمرابط والزلزولي إلا أنهم يلعبون بذكاء بقيادة الرائع الركراكي، فلا بد أن نستغرب ونحن نرى زياش اللاعب الذي لا يدافع عادة يصل إلى خط مرمى فريقه، وكذلك بوفال وكل أفراد الفريق لعبوا ككتلة واحدة تخلوا عن (جمال اللمسة) متمسكين بـ (حلاوة الإنجاز)، فكان لهم هذا الإنجاز التاريخي كأول فريق عربي يصل إلى ربع النهائي ونتمنى المزيد بعون الله. المنتخب السعودي وبعد الشوط الثاني التاريخي أمام الأرجنتين والذي لعبناه بذكاء.
وكما يقول المثل المصري للأسف (سرقتنا السكينة) فاعتقدنا أننا سنتفوق على بولندا والمكسيك بسهولة وسنلعب معهم وكأنهم أضعف منا وسنستحوذ ونهاجم ونتفنن ولكن!!!
بعد مباراة بولندا كان معظم أو كل الحديث أننا لعبنا وأبدعنا.
نعم لعبنا بجمال ولكن بدون ذكاء وبدون واقعية فخسرنا.
شكلنا كان جميلًا ولكن حقيقتنا غير ذلك فبولندا كانت بلا جمال ولكنها سجلت هدفين وأضاعت الكثير من الفرص المحققة وانتصرت.