أحلام كيمبس
تلاحق ميسي
بشعر متهدل على كتفيه كممثل سينمائي في أحد أفلام الكاوبوي، وقوام ممشوق منتصب ومستقيم كرمح محارب عربي عتيق، وملامح طفولية محببة للنفس، بدا ماريو كيمبس للعالم مرتديًا أوشحة البطولة والتحدي والنصر، وبلاده، تستضيف المونديال المثير عام 1978..
كانت الأرجنتين تتم استعداداتها للفرح باكرًا وكأنها على موعد مع ليلة زواج ابن الفتوة في حارة شعبية نساها الزمن.. كل شيء كان يوحي بأن الأرجنتين ستتوج في نهاية البطولة بالكأس الباهظة التي لن تخرج من مطار بوينس آيرس إلى الأبد.. كانت الأرجنتين أعدت كل ما يمكن للمحتفلين الواثقين إعداده.. الشوارع تزينت بالصور واللافتات والبالونات الضخمة، والمدرجات امتلأت بقراطيس البارتيات البيضاء الناعمة.. والقلوب تترقب ساعة الدمعة الهاربة إلى السماء.. لم يتبقَ للأرجنتين غير التفتيش عن رجل بمثابة الأسطورة حتى تكتمل قطعة البازل الناقصة.. وكانت صورة كيمبس هي الملاذ والغاية والوسيلة..
قبل البطولة بأيام تكفلت عصابة مجهولة بمهمة زرع الورود الحمراء على جنبات الطريق حينما أزاحت الهولندي يوهان كرويف تمامًا عن المشهد.. هددت العصابة الغامضة اللاعب المهاري الكبير والذي يعتبره ميشيل بلاتيني أفضل لاعب في العالم كله بالقتل إذا وصل الأرجنتين لقيادة منتخب بلاده في المنافسة الصاخبة..
خاف كرويف و”من خاف سلم” واعتذر عن عدم اللعب وترك الأقدار تسير كما كتب لها.. تمر السنوات سريعًا ويموت كرويف خاسرًا الحرب أمام سرطان الرئة متأثرًا بأعراض التدخين القاتلة..
كان مدخنًا شرهًا منذ صغره ولم تقوَ أعضاؤه على المقاومة ثم مات.
أول مواجهة جمعت الأرجنتين بهولندا كانت خلال مونديال 1974 في الجولة الأولى، وحينها تغلبت هولندا برباعية نظيفة، كان نصيب كرويف منها “هدفين”، إضافة إلى نجومية المباراة، وهذا ربما تفسير منطقي لذلك التهديد الإجرامي.. يبدو أن الأرجنتين قد قرأت المشهد الكروي بهدوء وتمعن وأيقنت أن هولندا مع كرويف ستكون أشرس المنافسين في مونديال 1978.. إنها واحدة من طرائق الفوز المتاحة في أزمنة غابرة.. صدقت توقعاتهم ووجدوا هولندا تنتظرهم في النهائي، وكانت واحدة من أكثر النهائيات خلودًا في الذاكرة الكروية.. تتغلب الأرجنتين “3ـ1” ويسجل كيمبس ثنائية توجته بلقب هداف البطولة، وأضاف زميله ريكاردو بيرتوني الهدف الأخير، فيما ذيل الهدف الهولندي اليتيم بتوقيع ديك نانينجا.. بعد عشرين عامًا يلتقيان على الأراضي الفرنسية وتفوز هولندا أيضًا في ربع النهائي “2ـ1”، ويسجل لأصحاب القمصان البرتقالية باتريك كلويفرت ودينيس بيرجكامب، بينما سجل للسماوي كلاوديو لوبيز.. ثم جاءت ألمانيا في مونديالها عام 2006 لتكون مسرحًا للقمة الرابعة ويتعادل الفريقان سلبيًا.. وينتظر الأرجنتينيون ثماني سنوات لتغاث فيها قلوبهم المجروحة وتلتمس ثارات قديمة وتكسب لقاء نصف النهائي بركلات الحظ الترجيحية بعد أن أهدر روند فلار وويسلي شنايدر ركلتين للهولنديين..
اليوم تتجدد كل أوراق النسيان في كل تلك المواقع المهملة.. كل الأنظار تبحث عن ميسي.. تريده بالطبع أن يكون كيمبس آخر في واحدة من أهم اختبارات المونديال القطري.. يريد ميسي نفسه أن يواصل المشوار خاصة وكل المؤشرات تقول إنه مونديال الوداع..
يريد أن يكون دائمًا مثل مارادونا.. أسطورة لا ينقصها شيء.. يريد الآن فقط أن يكون مثل كيمبس ويسقط هولندا دون الحاجة لعصابة تهدد بالقتل والإجرام..!!
ديبالا يدفع ثمن الحرب العالمية
كان بإمكان النجم الأرجنتيني باولو ديبالا الحصول بسهولةٍ على دقائق في كأس العالم، لو أن محاولته لنيل جنسية بولندا انتهت بالنجاح، أو لو أن جدّه البولندي لم يفرّ من أهوال الحرب العالمية الثانية “1939 ـ 1945”.
يجلس ديبالا، الملقب بـ “الجوهرة”، حبيس مقاعد الاحتياط في “قطر 2022”، بقرارٍ من الجهاز الفني لمنتخب الأرجنتين الأول لكرة القدم.
وعند سؤاله عن السبب، أجاب الأرجنتيني ليونيل سكالوني، مدرب المنتخب، أحد الصحافيين، أمس، بأن نجم فريق إيه إس روما الإيطالي جاهز لكن اللحظة المناسبة، فنيًّا، لإشراكه لم تحِن بعد.
وفي صيف عام 2012، سعى ديبالا للحصول على جنسية أوروبية، لتسهيل صفقة انتقاله من فريق إينيستيتوتو في بلاده إلى باليرمو في إيطاليا. وحاول اللاعب، الذي كان في الـ 19 من عمره، نيلَ جنسية إيطاليا، لأن إحدى جدّاته لأمه من مدينة نابولي، لكن المحاولة فشلت، فبحث عن جنسية بولندا، البلاد التي فرّ منها جدُّه لأبيه نحو الأرجنتين بسبب الحرب العالمية الثانية. وفيما فشلت المحاولتان بسبب إجراءات بيروقراطية، تمّت الصفقة، وأصبح المولود في مدينة كوردوبا الأرجنتينية أحد أبرز نجوم ملاعب الدوري الإيطالي منذ وصوله وحتى الآن. ودوليًّا، انطلقت مسيرته مع منتخب “راقصي التانجو” في عام 2015. لكن مشاركاته لا تزال محدودة، مع تفضيل المدربين المتعاقبين الاعتماد على الأسطورة ليونيل ميسي ولاعبين هجوميين آخرين.
وعانى نجم يوفنتوس الإيطالي سابقًا من التهميش في كأس العالم الماضية، واقتصرت مشاركته على 22 دقيقة فقط. وللآن، ورغم مرور 4 مباريات، يبقى عدد دقائقه صفريًا في مونديال قطر، الذي شهد خوض منتخب بولندا، بلاد جدِّه، 4 مباريات وبخيارات هجومية أقل، كمًّا وكيفًا، مما لدى سكالوني.
فان جال: نصف العالم يقلدني
دخل الهولندي لويس فان جال، مدرب منتخب بلاده الأول لكرة القدم، في مشادةٍ، خلال مؤتمر صحافي أمس، دفاعًا عن خططه، عشيّة مواجهة الأرجنتين في ربع نهائي كأس العالم. وردّ فان جال بنبرة غاضبة عندما سئل عن اعتماده على الهجمات المرتدة بدلًا من أسلوب الكرة الشاملة، المعروف عن المنتخب، وقال لأحد الصحافيين “أتلقى نفس السؤال منك في كل مرة لكنك لا تفهم أن كرة القدم تتطور”.
وأكمل “أصبح من الصعب الآن اللعب بطريقة هجومية مقارنةً بما كان عليه الحال قبل 20 عامًا”. وأضاف المخضرم، صاحب الـ 71 عامًا، أن نصف فرق ومنتخبات العالم تلعب الآن بالطريقة الدفاعية، التي توصّل إليها هو عندما قاد المنتخب إلى نصف نهائي مونديال 2014.
سكالوني: نتمنى تجنب الترجيحية
تطلّع الأرجنتيني ليونيل سكالوني، مدرب منتخب بلاده الأول لكرة القدم، إلى انتهاء المواجهة مع هولندا، اليوم، دون اللجوء لركلات الترجيح، على عكس اللقاء بينهما في نصف نهائي مونديال 2014.
وأكد سكالوني، في مؤتمر صحافي أمس عن المباراة، تدرُّب لاعبيه دومًا على تنفيذ ركلات الترجيح. واستدرك قائلًا “أتمنى ألا نصل إليها وأن تنتهي المواجهة قبل ذلك.. الحظ يلعب دورًا كبيرًا دائمًا في هذه الركلات”.
وتعهد سكالوني ببذل لاعبيه “كل شيء في أرض الملعب”.
وشدد “سنكسر ظهورنا من أجل الأرجنتين.. في بعض الأحيان لعبنا بشكل جيد للغاية وفي مرات أخرى لم نلعب بنفس القدر لكن الفريق لا يدخر جهدًا في كل الأحوال”.
250 إعلاميّا يتابعون «التانجو»
حضر أكثر من 250 إعلاميًّا، أمس، الدقائق الـ 15 الأولى من آخر تدريب لمنتخب الأرجنتين الأول لكرة القدم قبل ملاقاة نظيره الهولندي، اليوم، في ربع نهائي المونديال. ووصفت مصادر إعلامية، تتابع البطولة منذ بدايتها، هذا الحضور بالأضخم من نوعه لأي حصة تدريبية لمنتخبٍ مشارك.
ودخل النجم ليونيل ميسي الحصة، التي احتضنها ملعب تدريباتٍ في جامعة قطر، بعد جميع زملائه.
وجلس الصحافيون في مدرجات الملعب، فيما وقف المصوّرون على خطه الجانبي، وأظهروا اهتمامًا أكبر بميسي مقارنةً بباقي “راقصي التانجو”.