التخصيص والرئيس
الكومبارس
جاءت البشرى، وعمَّ الفرح مع إطلاق سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، الذي أعلنه سمو وزير الرياضة قبل ثلاثة أيام.
المشروع بلا شك نقلةٌ نوعيةٌ في تاريخ الرياضة السعودية، وقفزةٌ غير مسبوقة في كرة القدم بشكل خاص، والسبب يعود للطريقة الذكية التي اتبعها المشروع في تحويل ملكية الأندية للقطاع الخاص، وأكثر ما لفت نظري هو إنشاء صندوق استثماري، تودع فيه قيمة النادي التي سيدفعها المالك الجديد، وسيتم استثمار تلك الأموال لضمان الاستدامة المالية للنادي.
المعضلة الكبرى التي واجهت كل متخذ قرار، أو مهتم بالتخصيص على مدى سنوات طويلة، أن الأندية مملوكةٌ للدولة، وقيمة تحويلها إلى القطاع الخاص يجب أن تذهب إلى وزارة المالية، ما يعني أن أموال التخصيص لا تصرف على القطاع، بل تعد إيرادات حكومية، لا يستفيد منها النادي مهما ارتفع سعره.
أما المشروع المبارك اليوم، فقد أعطى الأندية حق الانتفاع بتلك الأموال، وهو ما جعلها تستفيد مرتين، الأولى بتحولها إلى كيانات تجارية في إمكانها الاستثمار بشكل أكثر حرية، أما الثانية، فهي الصندوق الاستثماري الذي ستودع فيه قيمة التخصيص كيلا تبدأ الأندية بحسابات صفرية، بل بمبلغ كبير، يساعد على الانطلاق دون مشكلات مالية، تعيق مسيرة التحوُّل فيها.
ومن الأمور التي أعجبتني في المشروع، أن الأندية ستدار بعقلية استثمارية، وأن رئيس النادي بمعناه التقليدي، سيختفي قريبًا، فرؤساء الأندية لسنوات كانوا الحلقة الأضعف في المنظومة الرياضية! فالدوري تطور بشكل مذهل فنيًّا وتنظيميًّا، وأصبحنا نشاهد مباريات مثيرة وحماسية بفضل جودة اللاعبين الأجانب الذين تستقطبهم الأندية، ونوعية الحكام الأجانب الأفضل على مستوى العالم، وهو ما جعل اللاعب السعودي يبذل جهدًا مضاعفًا لمجاراة هذا التطور، بالتالي انعكس ذلك إيجابًا عليه وعلى المنتخب.
الكل تغيَّر وتطور إلا رئيس النادي، الذي بقي يبحث عن دور بطولي، كما كان يحدث في الأيام الخوالي، وبقي عاشقًا للتصريحات الرنَّانة، وظل ينتقد الاتحاد والرابطة، ويسخر من الحكام واللجان، ويمزق العقود ولا يدفع الحقوق، ويرفع الكأس قبل كل الناس!
التخصيص سيقضي على تلك الشخصية، لأن مَن يدير النادي اليوم، هو المدير التنفيذي، أما الرئيس الباحث عن دور البطولة، فسيتحوَّل إلى كومبارس في المشروع الجديد.