مدخلات الاتحادات
تناولت مسيرة صناعة الأبطال الرياضيين وصقل المواهب الرياضية منذ الصغر، بدايةً من البيت، مرورًا بالمدرسة، ووصولًا إلى الجامعة «المواهب التي وصلت للمرحلة الجامعية»، وكنت بذلك أتحدَّث عن المرحلة، أو المراحل التي تُشكِّل المدخلات التي تنتظرها الاتحادات الرياضية من الجهات الأخرى ذات العلاقة في مشروع صناعة الأبطال.
بمعنى آخر، الاتحادات الرياضية، وعلى الرغم من وجود استراتيجيةٍ وخططِ عملٍ ومستهدفاتٍ، تُحاسب عليها، إلا أنه من الضروري أن ندرك أنها قد تكون ضحيةً لعدم وجود استراتيجيةٍ، تُسهم في صناعة وصقل المواهب الرياضية في سنٍّ مبكرةٍ قبل أن تنخرط في خطة الاتحاد المعني، وتكون جزءًا من اللاعبين المحسوبين عليه، خاصةً أن مرحلة اكتشاف الموهبة في الطفولة، التي تبدأ من البيت ثم المدرسة، مرحلةٌ لا يوجد للاتحاد الرياضي فيها أي يدٍ، أو تأثيرٍ، بالتالي، إذا لم يكن الاهتمام والصقل في هذه المرحلة بالمستوى الفني المطلوب، فسيزيد ذلك بكل تأكيدٍ من صعوبة تحقيق الاتحاد الرياضي للمنجزات التي يسعى إلى الوصول لها في ظل تلقي مثيله من الاتحادات في دولٍ أخرى «مُدخلاتٍ» من النشء الذين مروا بمراحل اكتشافٍ وصقلٍ عالية المهنية.
عليه، من السهل إلقاء اللوم على الاتحادات الرياضية عندما تفشل في تحقيق الإنجازات المنتظرة منها، ظنًا من اللائمين أن مسؤولية صقل وصناعة الأبطال، وتحقيق الإنجازات من خلالهم، تبدأ وتنتهي في كواليس هذا الاتحاد، بينما الواقع يقول إن الاتحاد يعمل في مرحلةٍ متأخرةٍ جدًّا من هذه المسيرة، وتعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المراحل السابقة.
جدير بالمسؤولين في هذه الاتحادات أن يبادروا بالحديث عن هذه المشكلة من خلال المؤتمرات وورش العمل والفعاليات المختلفة، والعمل على توقيع اتفاقيات تعاونٍ مع وزارة التعليم، والتنسيق لحملةٍ مجتمعيةٍ توعويةٍ للآباء والأمهات، تشجعهم على تسجيل أطفالهم في المراكز الرياضية التي تساعد في اكتشاف مواهبهم بمراحل مبكرة، بالتالي تصنيفهم بشكلٍ تدريجي في الرياضات التي تناسبهم أكثر وأكثر.
الموضوع قد يحتاج إلى دعمٍ قوي وشاملٍ من وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية، لكن لا يمنع ذلك أن يتم البدء من الاتحادات نفسها، لتتضح أهمية الموضوع للمؤسسة الرياضية بشكلٍ مهني.