بدر.. ولو غاب
اليوم، يمر أسبوع كامل منذ فُجعت الأوساط الأدبية والثقافية والشبابية والفنية، بل وحتى السياسية والرياضية والاجتماعية، برحيل أحد أهم رموزنا في الثقافة والشعر والأدب، الأمير النبيل والشاعر بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ، الذي رسّخ في أذهاننا تلك الذائقة الرفيعة السامية للشعر والكلمة الراقية التي ترسم لنا المشاعر رسمًا نراه في آذاننا وقلوبنا ومشاعرنا.
رحل البدر، وترك لنا مدرسة متأصلة للشعر، اسمها مدرسة بدر بن عبد المحسن، وهي مدرسة لا تُدرّس في مدارس الشعر والأدب، بقدر ما تُدرّس في مدارس الفكر والفن والرسم والهندسة وحب الوطن وطب القلوب! مدرسة لها سقف عالٍ، لا يجرؤ على خوض علومها إلا ذوو العلُوّ الشاهق بالذائقة والمشاعر الفياضة، قبل معرفتهم بأصول الشعر وأروقة الأدب.
في يوم رحيل البدر، عمّ الحزن وذُرِفت الدموع، وشَعَر العارفون بوزنه بذلك الفراغ العظيم الذي سيتركه غياب البدر عن ساحة الشعر والأدب، التي كانت تتكئ بشكل كبير على وُجُوده وَجُوده، وعلى سنا ضوئه الآسر لكل محب للشعر، ولكل عاشق لهذا الوطن العظيم، منجب العظماء.
وقد يحق لي استثناءً، في رثاء أبي خالد ـ رحمه الله ـ، أن أستغل عمودي الأسبوعي لنشر شيء من قصيدة رثائي فيه، لعلها تعبر عن شعوري بفقده وغيبته، ويبقى ـ رحمه الله ـ بالنسبة لمحبيه، بدرًا، ولو غاب. وعظم الله أجرنا جميعًا فيه.
فوق هام السُّحب يبقىٰ مع سميّه..
يوم يشهد للوطن أجمل شهادة..
شايشٍ لأغلى ثرىٰ عِز وحميّة..
وعلّم اللي ما درى وين السيادة..
في فراق اللي خذانا له معيّة..
وفي بحور الشعر علّمنا السعادة..
ثم صرنا بعدما يومه تهيّا..
طفلة تحت المطر تبكي بعاده....
داخلي ما في السحاب العقربية..
وداخلي جمرة غضى ترجي براده..
آه يا حزن الرياض بدون ضيّه..
حدّت وقصت ظفايرها حدادة..
لا ترجّل فارس الروح النديّة..
حل سرج الشعر وأعطانا عتاده..
من عتاده سقف شعرٍ بالثريّا..
وألف غصن وعقد وسوار وقلادة..
يا كبر فرقاك يا بدر الضويّا..
فرق في لقيا وجودك وافتقاده..
انت من روّض صعاب الشاعرية..
وجاب راس القاف بخطامه وقاده..