إنريكي.. قلبٌ مكسور لم يفقد الشغف
في 29 أغسطس 2019، توقّف الزمن في حياة لويس إنريكي، مدرب فريق باريس سان جيرمان الأول لكرة القدم، الذي يواجه تشيلسي بنهائي كأس العالم للأندية في أمريكا، الأحد.
رحيل ابنته «زانا» بعد صراعٍ مرير مع السرطان لم يُنهِ فقط فصلًا من حياته.. بل مزّق قلبه من الداخل.
غاب إنريكي عن كرة القدم، عن الأضواء، عن العالم بأسره.
كان أبًا مكسورًا، يواجه الصمت بصمتٍ أكبر.. صمت لا تشرحه الكلمات.
لكن على الرغم من الوجع، بقي الشغف حيًا في أعماقه.
كانت زانا تحب الملاعب، تركض إليه بعد الانتصارات، تضحك بجانبه، تعيش معه الفرح..
كانت روحه الصغيرة.. ولا تزال صوته الداخلي.
عاد إنريكي.. لا لينسى، بل ليُخلّد.
ليحوّل الحزن إلى رسالة، والوجع إلى وقود.
وفي صيف 2023، بدأ فصل جديد من حكايته، حين تولّى تدريب باريس سان جيرمان.
خطوة لم تكن عادية، فقد ورث فريقًا مزدحمًا بالنجوم.. لكنه كان بحاجة إلى هوية.
بهدوئه المعتاد، أعاد إنريكي ترتيب كل شيء.
قاد الفريق بثقة خلال موسم استثنائي، خاض فيه 111 مباراة، حقق خلالها 77 انتصارًا، بمعدل فوز تجاوز 75 في المئة.
سجل الفريق 2.7 هدفًا في المباراة، واستقبل أقل من هدف... أرقام تؤكد الانضباط، لا الحظ.
أعاد باريس إلى قمة الدوري، وحسم اللقب قبل ست جولات من النهاية، دون أي خسارة في أول 28 جولة.
أحرز كأس فرنسا مرتين، وكأس السوبر الفرنسي مرتين أيضًا... لكن كل ذلك كان تمهيدًا للمجد الحقيقي.
في ليلة أوروبية خالدة، دوّن إنريكي أعظم سطر في تاريخ النادي، حين قاده لتحقيق أول لقب بدوري أبطال أوروبا، باكتساح إنتر ميلان 5ـ0 في النهائي.
لم يحتفل كثيرًا... اكتفى برفع رأسه إلى السماء، وكأنما يهمس لروحٍ تسكنه: «ها أنا ذا يا زانا… كل شيء لكِ».
ومن هناك، واصل الحلم طريقه إلى الولايات المتحدة، حيث تُنظم بطولة كأس العالم للأندية 2025.
في طريقه إلى النهائي، تخطّى باريس بايرن ميونيخ في ربع النهائي، ثم فجّر أكبر مفاجآت البطولة بإقصاء ريال مدريد 4ـ0 في نصف النهائي.
فريقٌ يلعب بجماعية، يقاتل بانضباط، وينتصر بهدوء.
لويس إنريكي لم يعد مجرد مدرب.
هو رجلٌ يقف على خط التماس، وقلبه على الضفة الأخرى...
يحمل ذكرى ابنته معه، ويجعل منها راية ترفرف فوق كل مجد.