متصدر .. لا تدور المشاكل
مباراة السعودية والعراق هي نقطة تحول في تاريخ الكرة السعودية كنا نحتاجها منذ مدة ليست بالقصيرة. فتلك المباراة وضعت حداً لتعامل المدربين مع المنتخب. فالمنتخب السعودي منذ عرفته وهو منتخب هجومي لايعرف الدفاع حتى مع أقوى منتخبات العالم. منتخب يفتح اللعب ويعطي الخصم الفرصة للعب براحة. ولكن هذه المباراة غيرت الفكر الذي اقتات عليه المنتخب لسنوات. لعب المنتخب بواقعية وعاد للدفاع واللعب على الهجمات المرتدة السريعة لأول مرة في تاريخنا الحديث. أشرك المدرب أحمد عسيري في محور الارتكاز مع سعود كريري لأنه يريد إغلاق العمق بالكامل. أوعز للظهيرين بعدم الخروج المبالغ فيه، وطلب من سالم الدوسري وبصاص مساعدة الظهيرين فضاقت المساحات على المنتخب العراقي وفاز منتخبنا. هذه هي القصة التكتيكية ببساطة، وهذا ما كتبته في مقالي قبل أسبوعين وطالبت فيه باللعب بطريقة دفاعية بحتة إذا ما أردنا تجاوز العراق. فوز المنتخب لم يمنع النصراويين من الغضب لأن المدرب لم يشرك أي لاعب نصراوي في المباراة. لم أسمع في حياتي شكوى من ناد على مدرب منتخب لذات السبب. فالمدرب يريد أن يفوز وسيختار الأسماء التي تساعده على الفوز. وليست مشكلة المدرب أن هذا الفريق أو ذاك لايشارك منه أحد. من البدائية أن يعتقد أي ناد أن له الحق في لاعب واحد على الأقل يمثله ويحمل لواءه في المنتخب. النصر يعيش اليوم أفضل أيامه. فهو متصدر الدوري وبالتأكيد يطمح لمواصلة تصدره. ولكنه لن يستطيع الاستمرار طويلا في الصدارة إذا ما استمر النصراويون في "التخريب على أنفسهم" بافتعال المشاكل التي تشغل الإدارة واللاعبين والجماهير في قضايا جانبية. فاللاعب يحتاج للتركيز لتقديم أفضل ما لديه. فإذا ما آمن اللاعب النصراوي بأنه محارب وأن هناك مؤامرة ضده من مدرب المنتخب ومن لجنة الحكام والانضباط والمنشطات فكيف يمكن أن يبدع؟ أعجبني شعار الجماهير النصراوية "متصدر لاتكلمني"، لأنه يدل على الوعي بأهمية الاستمتاع بالصدارة دون الدخول في صراعات تربك الفريق وتفقده الصدارة. النصر بحاجة للهدوء أكثر من أي وقت مضى. فالإدارة يجب أن تساعد اللاعبين على التركيز أكثر في الملعب، لا إشغالهم بما يُعتقد أنه يدور في الغرف المظلمة. في الموسم الماضي أثارت الإدارة النصراوية قضية لجنة الرقابة على المنشطات مع حسين عبدالغني فنسي الجميع الفوز المهم الذي حققه النصر على الهلال وانشغلوا بتلك القضية. كانت تلك المباراة آخر مباراة رائعة قدمها النصر في الموسم الماضي. صحيح أن النصر انتصر على لجنة المنشطات بعد حرب طويلة وبالضربة القاضية ولكنه خسر الدوري وكأس ولي العهد وخسر كأس الملك وخسر أيضا المقعد الآسيوي. عندما يُشغل النادي نفسه بالحكام واللجان والإعلام فلا تتفاءلوا بنتائج جيدة. الصراعات الصغيرة ترهق النادي وتلهيه عن التركيز على مشاكله الحقيقية. فتتحول انتصاراته لخارج الملعب. أعرف أن الجماهير النصراوية فرحت كثيرا بإقالة أمين لجنة الرقابة على المنشطات الموسم الماضي ولكنها ستفرح لسنوات لو حققت بطولة الدوري. فالنادي الذكي هو من يختار معركته بعناية.