2014-12-31 | 06:15 مقالات

الهيئة العامة لضرب الشباب

مشاركة الخبر      

مساكين الشباب في السعودية.. الكل يضربهم.. يحُاصرون كأنهم جرب.. كأنهم سرطان.. كأنهم غرباء لا نريد ان نراهم.. حياتنا اجمل بدونهم.

هل ذنبهم انهم ابناؤنا؟

هل ذنبهم اننا معقدون؟

عندما نطردهم.. فإلى اين يذهبون؟

نكرههم.. نتصيد اخطاءهم.. الكل يمارس عليهم الوصاية.. اما البقية فصالحون.. منزهون.. لا يخطئون.. منذ خلقهم الله وهم ناضجون.. يمشون على الطريق المستقيم ولا يحيدون.

ما اكذبكم.. كنتم اكثر انحرافا عندما كنتم مراهقين.. ولكنكم الان تدعون المثالية.. تمثلون.. تدعون الفضيلة وانتم عنها ابعد ما يكون.

ضحكت على خبر نشر الاسبوع الماضي عن صاحب مول تجاري كتب على بوابة الدخول "ممنوع دخول الكدش والكلاب".. هذه المزايدة تبين لنا إلى اين نحن متجهون.. عندما يساوى شبابنا بالكلاب فهناك خلل يجب ان يُنظر اليه بجدية.. فصاحب المول ابن جيل الخنافس والبناطيل الواسعة يحارب الكدش.. المراهقون اكثر نضجا بمئات المرات من صاحب المول.. ليس عندما كان مراهقا بل انضج منه اليوم.

خسرنا شبابنا.. لم نعد قادرين على التواصل معهم.. لم نستوعب ان لكل جيل طريقته.. نطردهم من كل مكان.. نضربهم في كل عاير.. فالهيئة تطاردهم في الاسواق والشوارع.. تحلق شعرهم وتفتش جوالاتهم.. حتى في الملاعب يضربون.. وفي المطارات لا يبقى شخص إلا وتجرأ عليهم.

في الرياضة ايضا مضطهدون.. تعاميم مغلظة لكل من تسول له نفسه اطالة شعره او اظافره.. وأخيرا لجنة الرقابة على الكحول والمخدرات.. ليست لدينا ميزانية للجنة الكشف عن المنشطات ونخترع لجنة مراقبة جديدة.. حولنا الجهات الحكومية من جهات هدفها خدمة الناس لجهات هدفها مراقبتهم.. ليتنا نتحمس لاحتواء الشباب حماسنا لمعاقبتهم.

ما يحتاجه شبابنا اليوم هو احتواؤهم لا طردهم.. فكل ما نفعله اليوم ينفر الشباب منا ويجعلهم يهربون بعيدا حيث لا نراهم.. سيجدون من يحتويهم.. سيجدون من يحتضنهم.. بتصرفاتنا ندفعهم للانحراف دفعا.. ندفعهم للمخدرات.. ندفعهم للإرهاب.. ثم نتساءل عن الاسباب.. نحن الاسباب.

اعجبتني امارة الرياض عندما ارسلت تعميما بضرورة السماح للشباب بالدخول للأسواق.. تصرف يدل على بعد النظر.. فوعي المسئول بقيمة احتواء الشباب بدل طردهم ومحاربتهم وعزلهم سيعجل بعودتهم للظهور في الحياة العامة بدل الانزواء بعيدا في الظلام.

يجب ان ننظر لتصرفات المراهقين على انها مرحلة.. يمر بها كل انسان.. يكبر.. يعقل.. ينضج.. فيصبح مواطنا صالحا كما حصل مع كل الاجيال..اعطوهم الوقت وسترون ما يسركم.. الم نكن يوما مراهقون مثلهم؟