وعادت الروح النصراوية
كان الفرنسي هنري مشيل مدربا شجاعاً وجريئا، فقد قرر قبل منازلة الهلال التخلي عن عواجيز النصر وإعطاء الفرصة لشبابه، فقدم الفريق الأصفر بقيادة حسين هادي، أحمد بن نصيب، فيصل مرزوق، واحدة من أفضل المباريات التي جمعت النصر بالهلال وانتهت بالتعادل (4ـ4)، بعد أن نجح فرسان فارس نجد في اللحاق بالفريق المنافس الذي كان متقدماً بأربعة أهداف دون مقابل.
ـ مباراة النصر خارج القواعد أمام الأهلي أعادت الحكاية، فالأروجواني خورخي ديسلفا ـ المهدد بفقد منصبه ـ اتبع منهجية مشيل، فقرر الاستغناء عن العواجيز أمثال الواكد، البحري، الصقور، ثم صديق في الشوط الثاني، فأشرك عاشور، القرني، فتغير شكل العالمي وقدم أفضل مبارياته بعد أن ظهرت بصمات المدرب عليه وتحديداً من الناحية الهجومية، ولو وفق السهلاوي في الفرص التي سنحت له لأعاد النصر نصف الدرزن التي كان بطلها أوهين كنيدي عام 1416هـ.
ـ يقول خورخي ديسلفا في حواره الأخير مع الإعلامي المتألق عبدالله الفرج “إن هناك عناصر في النصر لا تملك الطموح وليس لديها الرغبة في خوض المباريات”، في إشارة منه للبحري، الواكد، الدوخي، الصقور، صديق، فقرر إشراك الأسماء الجديدة من لقاء الأهلي، ولكن بصورة تدريجية، وأضاف “إن الفريق الحالي لست أنا من اختاره، فقد حضرت إلى برشلونة ووجدتهم أمامي فقمت بتدريبهم مثلما طلب مني رئيس البعثة سلمان القريني”.
ـ كلام المدرب منطقي وحقيقي، بل زاد على ذلك أن برنامج المعسكر والمباريات الإعدادية التي وصفت بالضعيفة كانت من اختيار باوزا، فكيف يطالب بعض النصراويين بمحاسبتي على أخطاء لم أرتكبها، بل كنت أحد ضحاياها، لكنني أعد بالعمل الجاد وتصحيح ما يمكن تصحيحه.
ـ عندما قرأت حوار ديسلفا وشاهدت مباراة النصر والأهلي ليلة الأحد الماضية تذكرت ما يقوله الثنائي ماجد عبدالله ويوسف خميس في تحليلاتهما المتكررة التي تطالب إدارة الأمير فيصل بن تركي بالبحث عن مدرب آخر ـ تعزيز أمنهم لثقافة طرد المدربين ـ وهي ثقافة هزت الأداء الفني للكرة السعودية أندية ومنتخبات.
ـ مطالب يوسف وماجد مطالب مؤثرة، وتضغط على المدرب إعلامياً وجماهيرياً حتى لو وقفت الإدارة مع ديسلفا، لكن أقول ربما أن المستوى الفني الرفيع الذي قدمه لاعبو النصر في مباراة الأهلي الماضية، إضافة للروح العالية التي كان عليها شبابه تساهم في تخفيف الضغط على الجهاز الفني، الذي يحتاج إلى العمل في أجواء هادئة وصافية حتى يهضم اللاعبون الفلسفة التدريبية التي يريد اتباعها في المسابقات الكروية، فالواضح أن الرجل يريد بناء فريق يملك الطموح على خدمة الشعار، ليس من بينهم مدافع جبان أو لاعب وسط يتواجد في غرفة العلاج أكثر من أن يتواجد في الميدان أو مهاجم يعشق الرحلات السياحية أكثر من عشقه لهز شباك الخصوم.
ـ وأخيراً أقول إن عضو الشرف النصراوي الأمير عبدالحكيم بن مساعد تحدث بشفافية عن كل ما يحدث داخل البيت الأصفر، وأن حسين عبدالغني لا يستحق القسوة والعبارات الاستفزازية التي رفعتها جماهير فريقه السابق، فأبو عمر انتقل للنصر بعد أن سمح الأهلاويون بذلك، فأين الخطأ الذي ارتكبه ليقابل بمثل هذا الجحود، ليضطر للبكاء وذرف الدموع الغالية.. لكن ليعرف حسين أنه إذا خسر حب جماهير الأهلي فإنه كسب عشق جماهير الشمس صاحبة المرتبة الأولى داخل وطننا الكبير ـ حتى لو لم ترضَ زغبي.