2019-04-28 | 01:03 مقالات

رأس الدبّوس

مشاركة الخبر      

مرّت الأحداث المتعاقبة للأندية السعودية الجماهيرية خلال الموسم الكروي الحالي 2018 ـ 2019 في المنافسات الداخلية والخارجية، لتؤكد وعلى نحو واضح لا لبس فيه أن الصوت النقدي والعقل الفاحص المراقب لتلك الأندية بعمليها الإداري والفني هما اليد الحاملة لمشعل النور المضيئة لكل الدروب المظلمة، رغم محدودية التعاطي من الجماهير ورفض المراجعة النقدية من قبل الإدارات.
لا أحد يستمع للنصح وقت النشوة. لا يهرب المُضّلِل إلا من العين الكاشفة للحقيقة. لا أقوى من صحوة العقل واستفاقته. الفرص لا تسأل عن صاحب السبات الطويل.. البالون المنتفخ يكره رأس الدبّوس.
يقيني التام والدائم، أن المواجهة بلغتها المنتهجة التبيان، هي الحالة الواجب تعزيزها في كل وقت ومع كل منافسة، فالانتماء لا يلغي قول الحق وإعلاء شأن المكاشفة، وأن الممارسة النقدية العالية جدًّا تدفع بالجميع نحو الإصلاح، وتقوية الضعف قبل فوات الأوان، وإلا ما قيمة أن نُحلل الواقع بعد وصوله إلى نقطة لا عودة معها وبعد ضياع كل شيء. إن الخوف المبالغ فيه من سطوة الجماهير ونفوذ الإدارات يدفعان ببعضهم إلى الانسياق خلف كتمان الأمور وركوب موجة التغييب، والاصطفاف مع الهتاف لا مع إطلاق نبرات الوعي والنداء في الجمع بالانتباه والاصطفاف نحو الهدف. إن التكاثر الجماهيري لا يتحقق بفضل الركض في ساحة الملعب فقط، بل من الخطاب الآخذ بها إلى مناطق تبتعد فيها عن الهتاف والمناكفة الضيقة مع الأضداد.
تأخذ إدارات الأندية الجماهيرية سياسة تمييع المسائل، خوفًا من الانكشاف أمام الجماهير أو تراجع مدخلاتها المالية، فتُظِهر لجمهورها المحب صورة غير حقيقية معتمدة في ذلك على أدواتها من مجالس الجماهير وبعض من ينتسب للإعلام النفعي المصلحي فتقع الخديعة ويختفي الوعي. وتحدد الأندية لجماهيرها مسارات غير واضحة المعالم كي لا ينتبه العقل لديها ولرغبتها في جني أكبر مكاسب ممكنة وكسب أكثر وقت ممكن لإطالة أمد البقاء. لقد وجدت الأندية المغيّبة لجماهيرها مناخًا مناسبًا لفرض سياستها وتقديم ما تريد في ظل غياب المكاشفة والمحاسبة والرصد الدقيق لأدائها المالي والفني. إن دفع العقل نحو السؤال والمعرفة بالوضع يتطلب رأيًا راشدًا وصوتًا لا يفتر ومنهجًا بالغ الشفافية وخلوًا تامًا من الرغبة والمصالح الشخصية والابتعاد عن الخوف من اللغة الجافة المدفوعة بالأدوات. فلنأخذ الجميع نحو الوقوف في وجه طغيان سياسة التضليل وانتهاج النقد، فالبالون المنتفخ لا يحلم بالتحليق بجانب الطيور، وحينما يتحقق له ذلك لا يخشى أكثر من رأس الدبّوس.