القصبي والسدحان.. السعوديون يستعيدون يومياتهم
يصدح المؤذن لصلاة المغرب في أول أيام رمضان، فيجلس السعوديون على مائدة الإفطار صغارًا وكبارًا.. فرحًا وشعورًا روحانيًّا ينتظرونه بشوق كل عام.. وللصائم فرحتان.. هذا شيء من دينهم الحنيف.. بعد الصلاة مباشرة تجتمع العائلة مرة أخرى متسمرة أمام شاشة التلفزيون في حالة ترقب ولهفة، وانتظارًا لوصول القصبي والسدحان..
خمسة وعشرون عامًا وتزيد وهذا الثنائي الضاحك وجبة لذيذة على مائدة الأسرة السعودية.. تلعب الثنائيات دورًا استراتيجيًّا في الدراما العربية.. عادل إمام وسعيد صالح في مصر.. عبد الحسين والفرج في الكويت.. لكن الوضع هنا مختلف كثيرًا ومختلف جدًّا ومختلف تمامًا..
الصحبة الفنية الثنائية في مصر والكويت لا تعني على المطلق الأهم، فهناك أعمال أخرى منافسة وقد تكون متفوقة.. الفرق في السعودية فيما يخص السدحان والقصبي مرتبط بعاملين رئيسين لا يتجادل فيهما عاقلان.. أولهما أنهما قدما أفضل عمل درامي سعودي فيما يمكن وصفه بالكوميديا الاجتماعية.. أما الثاني فذاك الارتباط الرمضاني الطويل.. أجواء الشهر الكريم تماشت مع "طاش ما طاش".. وهذا بالطبع غني عن القول أن يقال إنه اسم العمل الذي جمعهما منتزعين ابتسامات السعوديين سنين عددًا، وإنما هو فقط للتذكير..
في لقاء تلفزيوني جمع عبد الله وناصر وتوسطهما داود الشريان يسأل ويحاور.. كل من جلس يتابع البرنامج خلص إلى نتيجة واحدة، مفادها أن في الجو غيمًا، وأن طاش ما طاش لن يستمر، وأن النفوس تخفي صراعًا كامنًا لا يعلم أسراره إلا علام الغيوب.. فعلاً صدقت فراسة المشاهدين وسلك كل منهما طريقًا.. وأسدل الستار على أهم وأفضل وأشهر وقت كان يتشوق السعوديون إلى ظهوره.. كأن هناك قطعة ناقصة في رمضانياتهم.. لكنها تدابير الزمن ودوران الأيام والليالي.. قبل يومين زف المستشار تركي آل الشيخ ما يمكن وصفه بالبشرى الغائبة..
سيعود القصبي والسدحان.. فتعود مجددًا حالات الترقب.. يعود السعوديون بأطفالهم وشبابهم وعواجيزهم بذات التوقيت وذات اللهفة وذات الرمضان وذات التوثق بعلاقة خاصة مع القصبي والسدحان.. ما عادت المياه إلى مجاريها فحسب.. ما عاد طاش ما طاش فقط وإن بشكل جديد واسم جديد.. عادت للسعوديين يوميات رمضان التي خبروها بحب وإيثار ونفس وطنية تشبههم.. وهذا هو الأهم..