حكايات
عالمية
كانت وما زالت قراءة قصص التراث العربي والعالمي من القراءات المحببة عندي، لا أدري لماذا أشعر براحة وطمأنينة أثناء قراءتها، ربما لأنها من زمن مضى فلا خوف منه، أو لأنها قصص مختارة بعناية وذات جمال أدبي، أو في قيمتها لما تحمله من رسائل تنفع الإنسان. ربما كل ذلك معًا. اليوم اخترت بعض الحكايات التي صادفتها عبر الإنترنت فاقتطفتها لكم.
يحكى أن امرأة زارت صديقة لها لتتعلم منها سر طبخة السمك اللذيذ الذي تجيده. أثناء ذلك لاحظت أنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت، فسألتها عن السر، فأجابتها بأنها لا تعلم ولكنها تعلمت ذلك من والدتها، فقامت واتصلت على والدتها لتسألها عن السر، لكن الأم أيضًا قالت إنها تعلمت ذلك من أمها (الجدة) فقامت واتصلت بالجدة لتعرف السر، فقالت الجدة بكل بساطة: لأن مقلاتي كانت صغيرة والسمكة كبيرة عليها. والمغزى من القصة أن البشر يتوارثون بعض السلوكيات ويعظمونها دون أن يسألوا عن سبب حدوثها من الأصل.
يحكى أن رجلًا من سكان الغابات كان في زيارة لصديق له بإحدى المدن المزدحمة، وبينما كان سائرًا معه في أحد الشوارع التفت إليه وقال: إني أسمع صوت إحدى الحشرات. أجابه صديقه: كيف تسمع صوت الحشرات وسط هذا الجو الصاخب؟ فقال له رجل الغابات: إني أسمع صوتها وسأريك شيئًا. فأخرج من جيبه قطع نقود معدنية ثم ألقاها على الأرض. في الحال التفتت مجموعة من الناس ليروا النقود الساقطة على الأرض، واصل رجل الغابات حديثه فقال: وسط الضجيج لا ينتبه الناس إلا للصوت الذي ينسجم مع اهتماماتهم.
من طرائف التراث العربي هذه الحكاية، فهمتها على أنها تشير للنهايات الفاشلة للمتذاكين (استأجر رجل أحد الحمالين ليحمل له قفصًا كبيرًا مليئًا بالقوارير على أن يعلمه ثلاث خصال ينتفع بها. فلما بلغ ثلث الطريق قال الحمّال للرجل: هات الخصلة الأولى. قال الرجل (من قال لك إن الجوع خير من الشبع فلا تصدقه) فقال الحمّال: نعم. أكملا الطريق حتى بلغا ثلثه الثاني فقال الحمّال للرجل: هات الثانية، فقال الرجل (من قال لك أن المشي خير من الركوب فلا تصدقه) فقال الحمّال: نعم. فلما انتهيا إلى باب الدار قال: هات الثالثة، فقال الرجل (من قال لك إنه وجد حمّالًا أجهل منك فلا تصدقه). انزعج الحمّال كثيرًا، وقام برمي القفص بعنف شديد وقال للرجل: من قال لك إنه بقي في القفص قارورة لم تنكسر فلا تصدقه).
برتنارد راسل: الحياة الجيدة هي تلك التي يلهمها الحب، وتقودها المعرفة.