هرم كرة القدم السعودي
كانت الحارات والشوارع في المملكة العربية السعودية خلال تسعينيات القرن الماضي، وبداية الألفية الجديدة منجمًا لمواهب كرة القدم، وتخرَّج فيها عظماء كرة القدم في البلاد الذين لعبوا لمختلف الأندية وصولًا إلى سالم الدوسري آخر النماذج التي أتت من تلك الحارات والشوارع، التي كانت تزخر باللاعبين خلال فترة العصر، عكس الحال الآن، إذ تذهب إلى تلك الأماكن فلا تجد أحدًا!
لم يترك السعوديون لعبة كرة القدم، ولم يهجروها، لكنْ العادات تغيَّرت في ممارسة اللعبة، فاليوم لا يلعب الطفل أمام منزل أهله، بل يذهب إلى أكاديميةٍ ليمارس اللعبة فيها، بينما يلعب الشباب كرة القدم على الملاعب المستأجرة التي لا تجدها فارغةً في أوقات الذروة! اذهب فقط إلى الملاعب الموجودة في حي الرمال بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل، وأنا متأكِّدٌ أنك لن ترى ملعبًا فارغًا.
تغيَّرت العادات، ويجب علينا أن نقتنع بذلك، وقد شاهدنا خلال الأسبوع الماضي خمسة فرقٍ من دوري يلو، تُخرج أخرى من دوري روشن السعودي. شاهدنا قصة الجندل والمدرب المعلم في منطقة الجوف كيف تحوَّل إلى بطلٍ في أعين الأطفال في مدرسته. من هنا يجب أن ينطلق مفهوم كرة القدم في بلادنا، إذ لا يمكن أن تحتكر أندية النخبة بطولة الكأس إلى الأبد، ويجب أن يشارك كل نادٍ رسمي مسجَّلٍ في المملكة العربية السعودية في الكأس، وهو حقٌّ يجب أن يعود إلى أصحابه.
يعاني هرم كرة القدم السعودي من الطبقية حيث تلعب الأندية المحترفة في أربع درجاتٍ وحيدةٍ، بينما تلعب أندية الهواة في مناطق السعودية وحيدةً، عكس الحال في كل دول العالم المتقدمة، التي نهدف إلى أن نصبح مثلها، إذ إن لديها هرمًا واحدًا مترابطًا، ويجب علينا فعل ذلك.
تعمل رابطة دوري الهواة في المملكة العربية السعودية منذ سنواتٍ، وقد أصبحت تضم 87 ألف لاعبٍ، و1958 ناديًا، تنتشر في كافة مناطق البلاد، لكن أعلى طموحٍ، يمكن الوصول إليه في هذه الفئة، هي المنافسة على بطولة المملكة، إذ لا يمكن لها التحوُّل إلى أنديةٍ محترفةٍ، أو المشاركة في الكأس الأولى في السعودية!
الاستراتيجيات الرياضية في الفئات السنية ستكون هدرًا ماليًّا، وعلى مستوى الوقت إن لم نرتِّب الهرم. لن يصبح كل اللاعبين في هذه الاستراتيجيات لاعبين من النخبة، وعلينا أن نضمن لهم فرص المشاركة حتى لو كانت في دوري الهواة.
إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، هي الدول المهيمنة على كرة القدم، وجميعها تملك هرمًا رياضيًّا قويًّا، وعلينا محاكاة ذلك في أسرع وقتٍ ممكنٍ لوضع أساسٍ قوي لمستقبل المشروع الرياضي السعودي.