صانع الصدام مانشيني يرحل
يعتبر عمر منتخبنا السعودي منذ انطلاقته حتى اليوم 67 سنة، خلال كل هذه السنوات أشرف على المنتخب السعودي 57 مدربًا، وسيقوم ناصر لاركيت المدير الفني بالاتحاد السعودي لكرة القدم بتحديد المدرب رقم 58 في تاريخ منتخبنا الوطني، وهذا الرقم يشير بشكل واضح لمشكلة أزلية في رياضتنا السعودية، وهي عدم الاستقرار، أو بالأصح عدم مرور عملية تعيين المدرب بالدراسة الشاملة للواقع.
قد تحدث الإقالات في كرة القدم، وهو أمر طبيعي، ولكن عندما يتكرر الأمر فهناك مشكلة واضحة في عملية اتخاذ القرار قبل التعيين، هل كان مانشيني أفضل خيار تدريبي للمنتخب السعودي؟ قد تكون الإجابة نعم في ظاهر الأمر، ولكن لو كان الاتحاد السعودي لكرة القدم أجرى دراسة كاملة حول المدرب لعرف أنه مدرب صدامي، وقد لا يناسب اللاعبين المتاحين لديه، أيضًا تأقلم المدرب مع المجتمع والمنطقة والكثير من المعايير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل التعيين، فهل تم كل ذلك؟ لا نستطيع أن نعرف، لأن الأمر غامض بالنسبة لنا، ولم تكن عملية تعيين مانشيني شفافة عبر كل الجوانب.
استخدم الإيطالي روبرتو مانشيني 44 لاعبًا مختلفًا خلال 18 مباراة أدارها للمنتخب السعودي، ولم يعش منتخبنا أي استقرار في السنة والنصف التي أشرف عليها الإيطالي، كانت الحالة الفنية في تراجع مستمر، والمشاكل تخلق من المدرب نفسه وليس الخصوم، ووضع الإيطالي ضغطًا أكبر على فريقه عندما دخل التصفيات النهائية دون عمل متراكم ومتناغم بين اللاعبين، مما تسبب في تعثرين أمام إندونيسيا والبحرين، ستكون غصة إن لم نتأهل إلى المونديال بشكل مباشر.
كان الإيطالي أيضًا يختلق المشاكل في المؤتمرات الصحافية قبل وبعد المباريات، كان يحاول أن يحتقر أسئلة الصحافة السعودية ويجيب بشكل سطحي عن أي سؤال يطرح عليه، لم يتجرأ في مؤتمر واضح أن يفصل حول المشاكل التي يواجهها، بل كان يرمي ويحاول أن يستفز الصحافة، وكيف لا وهو من أتى لمؤتمر صحافي بورقة إحصائية أراد أن يستخدمها عندما ينتقده أحد حول المستوى أمام اليابان، ولكن الإيطالي تفاجأ أن الجميع ممن طرح الأسئلة أشاد بالمستوى، فأظهر الورقة دون أن تحقق ما يريد برغبته من جلبها.
تاريخيًا لم ينجح المنتخب السعودي أبدًا مع مدربين من الأسماء الكبيرة، فرانك ريكارد وروبرتو مانشيني من الأمثلة على الأسماء الكبيرة التي لم تنجح على الإطلاق، وفشلت بشكل كبير داخل وخارج أرضية الملعب، والآن حان الوقت لاختيار المدرب بعناية بغض النظر عن اسمه.
الاختيار يجب أن يكون بعناية بسبب ضيق الوقت، ولكن الصورة الأكبر التي سيلام عليها كل المسؤولين الحاليين على رياضتنا هي عدم الفوز بكأس آسيا 2027، التي إن حدثت لا سمح الله ستكون فشلًا وفشلًا كبيرًا لنا، ولكي لا نقع بهذا الفشل فإن الفوز بالبطولة يبدأ اليوم من خلال اختيار مدرب بعناية عالية تدرس كل الجوانب الفنية والثقافية والاتصالية، وأيضًا الإنسانية بالقرب من اللاعبين.